17 (مُدقق)

2.9K 91 30
                                    

الفصل السابع عشر

(نعمان الجليل)

أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ

أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ

أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

حانوت الشيخين....

هو وسواد الليل صديقان منذ أمد بعيد، كان نعمان الجليل منحني في جلسته فوق كرسي خوص صغير موضوع أمام حانوت الجزارة، فهو لم يستطع اللحاق بأخيه فقرر أن ينتظره هنا أمام الحانوت المغلق وقد عم الصمت المكان بعد إغلاق الجميع بمجرد الانتهاء من صلاة العشاء، وهذا الصمت مع الظلام كونا مزيجا مناسبا له كي ينفرد كعادته مع أفكاره، فما حدث منذ قليل من مشادة بين أخيه وأمه جعله يعود بخواطره لزمن مضى، زمن حيث كان هو وحنيفة أولاد السبعة أعوام، بدأ إدراكه يتكون وبدأ معه شعور بتفضيل أمه الدائم لأخيه، فكان هو من يتجرأ ويعترض على ما لا يعجبه منها بعنفوان وصلابة، بينما حنيفة كان النعجة المسالمة لذا كان واضح من منهما تميل له ريا، ثم أتم عامه الثامن فقررت أمه...

"أنت سليط اللسان يا نعمان إذا ستعمل في حانوت أبيك، أما أنت يا حنيفة الوديع فستذهب لتكمل حفظ القرآن"

هو القاسي إذا هو من سيتحمل، ستضغط عليه ستعامله بخشونة، ستحرمه من كل حنانها وعطفها، لأنك أنت يا نعمان سليط اللسان، متحجر القلب ولا تحتاج لأي حضن أو أن تنام بجواري مثل أخيك، أنت رجل بالغ، لذا نشأ معتمدا على نفسه لا على أي أحد، واجه مخاوفه بمفرده وتعلم كيف يغلبها، تعلم كيف يدفن شكواه بداخله فلا أحد يسمعها.

لذا ظن الجميع أن ما حدث لقابيل وهابيل ينطبق على كل الإخوة، فانتظروا أن تحتشد مشاعر الحسد والغيرة في قلب نعمان اتجاه أخيه، لكن لم يحدث هذا، بل رأى في حنيفة ابن، شمله برعايته وبخوفه، رغم أن الفارق في عمرهما هو بضعة دقائق، لكنها كانت بمثابة أعوام من النضج والمسؤولية، يقع حنيفة فيكون نعمان أول من يهرول نحوه ويكفكف دموعه، يتشاجر حنيفة مع أحد الأولاد فيكون نعمان هو المدافع عنه.

فقد حنيفة أبوه فكان له نعمان اليد الحازمة المكدة لتحقيق كل رغباته، لذا ضاعت مكانة الأخ لنعمان واحتل مكانة الأب دائما، ربما لهذا السبب أخذ يبحث عن أخ بديل ووجده في ابن عمهما ظافر.

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن