21-(2) مُدقق

3.3K 88 12
                                    

الفصل الواحد والعشرون

-الجزء الثاني-

(ولدي!)

اليوم الخامس عشر من شهر رمضان

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

اليوم الخامس عشر من شهر رمضان...

كان هذا اليوم يحمل ميزة خاصة للجميع، فقد مر نصف الشهر المبارك، يقفون بذهول لمرور الوقت سريعا دون أن يشعروا، ويملئهم الضيق لقرب الرحيل، احتار الناس كثيرا من العرب، فهم يمزجون الحزن بالفرح بسلاسة بارعة.

فكيف بينما هم متكدرون لمرور الأيام الرمضانية سريعا يقيمون احتفالا في نصف الشهر؟...

فهذه ليلة القرقيعان، كل طفل في القرير في هذا اليوم ينهي طعامه بأسرع ما يمكن، تنهرهم أمهاتهم لينهوا كل ما الطبق فيأكلونه غصبا دون مضغ أو تمهل، بل يتعجلون في بلعه ويستعجلون أمهاتهم ليخرجوا لهم لباسهم الجديد، كل صبي له عباءة ونعل جديد بينما الفتيات تطرز لهم أمهاتهن البخنق بتطريزات ذهبية، وبمجرد أن ترفع صلاة الترويح ويفيض الناس خارجون من المساجد، يبدأ الأطفال المبتهجين بالطواف حول البيوت والأزقة يحملون حول أعناقهم أكياسا في انتظار ملئها بالحلوى والمكسرات، بعضهم في يده طبل صغير يدقه وهم يصدحون بالاهازيج الشعبية

أعطينا يعطيك الله.. وتزور بيت الله

عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة .. يا أم السلاسل والذهب يا نورة

وفي دار الزعيم كانت توجد تلك السمراء بعودها الفارع المميز عن باقي النساء، تلك تصوم صيام عن الطعام ومعه صيام من نوع آخر، تصوم هي عن رؤية هائم، تهيم على وجهها طول اليوم في ساحة الدار بجوار الحجرة الفارغة، تختلس نظرات نحوها بينما تنشغل بالعنبية، تنظف أوراقها وترعاها، تقطف حباتها لتعصرها أو تتلذذ بطعمها، المهم أن تكون قربها، كانت الآن تتسلى بقطف حبات العنب عندما ضربتها تقلصات صغيرة موجعة في أسفل بطنها، حتى أن أصابعها تلوت فوق أغصان العنبية تتشبث بها خوفا من أن تقع أرضا من ذلك المغص الغريب الذي يهاجمها لأول مرة.

منذ استيقظت اليوم كانت في مزاج معكر وتقلبات بطنها لم تساعدها أبدا، واخطأت حينما ظنت أنها ستهدأ مع الوقت بل كانت تزداد سوءا، أخيرا بعد بضعة دقائق خفت الألم وترك خلفه خدر صغير، سحبت عدة أنفاس عميقة وتابعت قطف عناقيد العنب وحينها وصلت لها أصوات الأطفال المبتهجين بالقرب من الأسوار مع دق الطبول والأهازيج، أعلمها ذلك أن التروايح قد أنتهت وبقرب عودة أخويها من المسجد لذا ارتأت أن تدلف للداخل بدلاً أن يلاحظا أنها كثيرة التعلق بالعنبية، فتحت الباب وهي تضع سلة العنب جانبا وتزيح وشاحها، ولم تمهلها سارة حتى لتسحب نفسين أو أقل، بل أسرعت نحوها وهي تترجها بحماس:

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن