19 (مُدقق)

3K 92 16
                                    

الفصل التاسع عشر

(نريد سعادة بـ لون عين فيروز وليس دموعها)

من الصعب أن يتحول أملك الجديد إلى خيبة تضيف وجعاً لأوجاعك

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

من الصعب أن يتحول أملك الجديد إلى خيبة تضيف وجعاً لأوجاعك.

كانت ليلة الرؤية، الليلة التي سيتم فيها الإطلاع على الهلال للاستبشار بقدوم رمضان، لذا كانت حوانيت القرير مشغولة بالإستعدادت، ومسجد القواسم قد هب على قدميه وقد امتلأ بالرجال الذين رفعوا جميع الزرابي وأنزلوا جميع القناديل لأجل تنظيف عميق لكل شيء، أخرجت المصاحف من مكانها وامتلأت الأسطال بالماء الممزوج بالعنبر، وأمام المسجد بدأ الصبية يعدون السماط الذي سيبقى مفتوحا طوال شهر رمضان ليفطر فيه من ليس بمقدوره إطعام نفسه وكل عابر سبيل، أما ضرب النساكين فكان أشد عملاً وكل معلم يقف على رأس صبيته الذين يمسكون بقطع القماش الضخمة، ينسجونها ثم يتم تطريزها بخيوط الفضة أو الذهب على حسب غنى الطالب، يطرزون عليها الآيات والأدعية لتعلق فوق البيوت، وعن الأسواق، فقد امتلأت عن آخرها بالنساء والرجال، كل يحاول أن يشترى حاجته ومخزونه قبل رمضان، وقد عرضت الحوانيت أصناف زاخرة، ونادرة، بشتى الألوان والأحجام، لم يوجد حانوت لا يقف عليه جمع من الناس، ومطابخ البيوت احتشدت بنساءها التي انهمكن في إخراج ما خزنوه من أشهر استعداد لرمضان، ما بين مشمش مجفف، وحبات العنب والزيتون المعتق، ثم يغسلن القدور والآواني التي ستخرج للسماط، هكذا ترحب القرير برمضان.

بأمر من الزعيم أمتطى هائم أحد الأحصنة وتوجه خارجا من القرير نحو حوش الغجر حيث وقف أمام باب دار ميمونة الغجرية وضربه بقبضته عدة مرات متتالية وقد ارتسم الحزم على ملامحه، على الفور فُتح الباب بلهفة وظهرت فيروز بعين مناجية تبحث بأمل عن وجود شخص معين، لكن عندما وجدت هيئة هائم الذي لا تعرفه ابتئست ملامحها وتراجع الأمل، وخيبة كبيرة أمسكت بصدرها صعودا لحلقها:

-سلام الله.

دمدم لها هائم بنبرة خشنة وكان بوده ألا يلاقي السلام حتى، وبسبب خيبتها كانت المرارة تعتمرها لذا ردت عليه بنبرة حادة:

-ماذا تريد؟

أضيقت عيناه قليلا فوق ملامحها وعقله يحاول أن يتذكر أين رأى تلك الملامح من قبل، لكن لون عيانها الزاهي غطى كل شيء فوضع سدا أمام عقله، ولم يظهر لها هو أي تشتت بل أخبرها بصوت صلب متعالي:

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن