46 (2) مُدقق

3.3K 110 22
                                    

الفصل السادس والأربعون

-الجزء الثاني-

بعد عدة أشهر...

دار أبو غياث القاسمي....

كانت نوق وصلت لأخر حملها لذا كانت بطنها مرتفعة أمامها وأصبح عمل الدار شاق عليها فأمتلثت لأمر زوجها بخصوص الخادمة، وهكذا أصبحت لا تفعل شيء يذكر في الدار سوى ترتيب الفراش أو الإشراف على عمل المرأة بينما باقي اليوم تجلس كما هي الآن، تطرز وتخيّط.

-صبحك الله بالخير.

ألتفت بابتسامة كبيرة نحو صوته الرخيم وأخذت تنظر له بعين ملتمعة بالمحبة وهو يهبط السلم متجها نحوها وقد استيقظ من قيلولته، فتركت سريعا طارة التطريز وهي تحاول الوقوف:

-صباح الخير شيخي، سأجلب القهوة.

لكنه أسرع يمنعها من متابعة الوقوف:

-أجلسي فما زال طعام الفطور ثقيل على بطني.

ثم جاورها في الجلوس ومد يده تلقائيا لبطنها ماسحاً عليها بخفة كما اعتاد، وعندما وقعت عيناه على الوشاح في يدها سأل:

-أهذا لسارة ابنة هارون؟

ابتسمت وهي ترفع الطارة لتريه تطريزها الدقيق:

-أجل، قلت لابدأ فيه الآن حتى أستطيع انهاءه على ميعاد تكليفها.

مد يده نحو الملابس القريبة ورفعها ليجدها عدة فساتين صغيرة فخرجت منه ضحكة:

-مازالتِ تخيطين ملابس فتيات؟

أحمر وجهها وظهر الإرتباك عليها جلياً، فمنذ حملها وهو يعتني بها خير رعاية لكن لم يتطرأ لأمر كون ما في رحمها قد تكون فتاة وليس فتى، لذا سألته بقلق:

-هل سيصيبك ضيق أن كانت بنت؟

نظر لها لبرهة ساكناً ثم ابتسم بشجن وهو يمسك كفها:

-يشهد الله عليّ أنني لن أحزن، بالعكس..

أخرج تنهيدة حزينة:

-يكفيني هم الصبيان حتى الآن.

أدركت أنها ضايقته بذكر ابنه فأسرعت تحاول صرف نظره عن الموضوع وهي ترفع كفها الآخر لتمسد يده:

-سوف أجعل أم هاشم تضع لك الطعام هنا وتغطيه، وأنا لن اتأخر.

وكعادته ابتسم لها ليطمئنها هامساً:

ما ذنبي؟.... عواصي الدمعحيث تعيش القصص. اكتشف الآن