الفصل الخامس- «تمسك بأملٍ زائف».

143 16 5
                                    

_قراءة عساها مُمتعة لكم").

*******

قد تسير أميالًا ولا تكل من طول المسير ومشقته، وقد ينتابك التعب من بضعة أمتارٍ لا تقوىٰ علىٰ سيرها.
قد يتسع لك العالم بأجمعه، وترىٰ نفسك محلقًا في ضواحي الكون، غيرُ آبهٍ بأي شيء، وقد تشعر لحظةٍ أن الكون بأسره يطبقُ علىٰ أنفاسك فتختنق!

المتعة ليست في طول الطريق ولا قصره، ولكنك عندما تندفع بكل طاقتك الداخلية، موقنًا بأنك تستطيع، وتسعىٰ جاهدًا لأن تحقق يقينك هذا، فتشعر بأن الطريق قصير، وإن طال فأنت مستمتع بسلك كل عثراته ومساهله.

لكن عندما تخونك قوتك وتقف ضدك، وتشعر بأنك مهما فعلت لن تفلح، وأنك فارغٌ من الداخل رغم امتلائك بالكثير الذي لا تفلح في أن تجعله يرىٰ النور؛ ستجد أن بضعة أمتار لا تستطيع مسيرها، وأنك تختنق رغم أن الهواء يعرف طريقه لرئتيك، ستشعر بأن السماء رغم اتساعها تكاد تراها تنطبق علىٰ الأرض التي تحذو عليها، ستجد الكل عكسك، أنت تعدو في اتجاهٍ يخالف كل الذين تقابلهم، تعدو وتعدو لتوازيهم، ولكنك تبقىٰ دائمًا مخالفًا لهم، فتتعثر جاثيًا مستسلمًا، كأنما قد استنزفت كل طاقتك في فراغ، وتترك للكون حرية ابتلاعك مختنقًا، رافضًا أيُ يدٍ قد تُمتد حتىٰ تنتشلك مما أنت فيه.

*******

تتقاطع خطواتها في هدوءٍ ينم عن حالها، تشعر بالسكينة والرضا النفسي يتغلغل في أعماقها، فيظهر جليًا علىٰ قسماتها المرتخية، تغمض عينيها لوهلةٍ تتمتع بتلك النسمات التي تحمل برد الشتاء، ممتزجة بحرارةٍ معتدلة، فلا تشعر ببردٍ قارس، ولا تلسعك حرارتها، لتفتح عينيها بعد أن احتضن وجهها النسمات، فتكافئهم بابتسامة رقيقة علىٰ ثغرها، متنهدة بعدها تنهيدةٍ لا تنم عن ضيقٍ، وإنما متسعٌ من الرضا واستشعار حلاوة السيكنة.

تواكب خطوات الناس حولها، قبل أن تدلف للشارع الذي يقع فيه منزلها، مغدقة كل من تقابله وتعرفه بابتسامةٍ مشعة، أصبحت كل المنطقة تُعرفها بها، فيقولون دومًا عندما يريدون ذكرها..«سِنين صاحبة الابتسامة الوضاءة»!

«الفتاة التي تبعثر تفاؤلها علىٰ الجميع، ذات الوجه دائم الابتسام»!

«لربما تحل عقدة يأسك هذه، وحزنك الدائم، الفتاة التي كانت علىٰ مشارف الهلاك، قابعة في الأسفل تنتظر الموت، لتثور في لحظةٍ ما كما البركان الثائر بحممه الجحيمية، ولكن حممها هذه كانت من أملٍ، وعودةٍ للحياة بعد اليأس، أنصحك بأن تتحدث معها، هي ابتسامة الحي هنا».

وغيرها الكثير من التعريفات، التي كانت سابقًا لا تنتمي لها، لكنها اليوم وبعد طول عناء، أصبحت تُعرف بهذا، ولا يكاد من ينظر في وجهها إلا وأن يوقن بأن يومه مهما صعب، مؤكد سيمر بأي طريقة كانت، وأن عليه أيضًا مواجهة الصعاب بروحٍ رياضية وصدرٍ رحب!

الــمَـنبُــوذ. Where stories live. Discover now