الفصل السادس:- «متىٰ يجمعنا لقاء!».

140 18 20
                                    

_قراءة مُمتعة يا رِفاق":)

************

بعد مغادرته من عند «فارس» والاطمئنان عليه، وقد تم توقيع الخروج له من المشفىٰ، واستكمال بقية العلاج في المنزل، وساعد في هذا وجود «كارم» معه أيضًا، وها هو في طريقه نحو منزله ولا يعلم كيف هو الحال بين والديه الآن، خاصةً أنه كان يعود متأخرًا اليومين السابقين، ولم يكن له احتكاك بهما كثيرًا، فقط يطمئن علىٰ شقيقته، برغم أنه دائم الاتصال بها علىٰ مدار يومه، حتىٰ لا يتركها لوحدها في الفترة التي تجلس فيها معهما، وقد ارتاح كثيرًا لكونها تقضي معظم وقتها عند شقيقيّ «سِنين».

بعد عدة دقائق قضاها سيرًا في الشارع، كان يقف أمام باب المنزل يحاول استجماع أنفاسه المكتومة، وأصوات شجار والديه- علىٰ سببٍ تافه كما المعتاد- ولا يعلم أي سببٍ كان له النصيب اليوم في الاختلاف عليه، هذا إن كان يتفقان علىٰ شيء بالأصل!

فتح باب المنزل بدون طاقة، وهو يدخل لا مباليًا لهما، وقد كفا عن صراخهما فور رؤيته، يناظرانه وهو يتحرك صوب غرفة شقيقته ولم يلقي عليهما التحية حتىٰ، أو يسأل عما هو صاحب الشجار هذه المرة، بل اكتفىٰ بالمضي مثقل الكتفين، شاكرًا لهما أنهما توقفا لبرهة ليستعيدا أنفاسهما!!

يمكن الميزة الوحيدة التي يفقها فيها، أنهما يحبانه جدًا، وقد كان أول طفلٍ لهما، رغم عدم اتفاق حياتهما سويًا، إلاّ أنه لا ينكر لهما أنهما يحاولان تهذيب سلكوهما ولو قليلًا أمامه، وقد غدا رجلًا الآن، ولا يريدان انتكاسته، ولكن كما يقولون الطبع يغلب التطبع!!

ولكنه قبل أن يدلف للغرفة صامتًا، تناهى لسمعه صوت سؤال والده وهو يسأل والدته ببعض الحيرة، ويكأنه لا يفقه ما يقلب كيان ابنه!:

_ما به؟ إنه اليوم الثالث علىٰ التوالي الذي يعود متأخرًا، ويدلف صامتًا هكذا؟!

_لا أعلم سألته صباح اليوم ولكنه أخبرني أن صديق له مريض، وهو يقضي معه أغلب الوقت، ولكني لا أفهم حالته هذه الصامتة! حتىٰ سيلا لم يعد يلاعبها كما السابق، ويكتفي بأن يطلب مني إرسالها لبيت قاسم.

مجرد حوار محير بين زوجين كأي شريكين، ولكن شتان بين كونهما شريكين!
تركهما يتبادلان نظرات الحيرة، وبعض شعور الذنب وقد وصل لهما أخيرًا ما يفعلانه بأبنائهما، ليكتفوا بأن يغادرا بعضهما كلٌ في اتجاهه المنفصل عن الأخر، ليدلف هو للغرفة، راسمًا علىٰ ثغره أفضل ابتساماته، راميًا من علىٰ كتفيه أي هموم، فاردًا ذراعيه لتلك التي هبت من مضجعها مهرولة لترتمي بين ذراعيه، تغدق عليه بكل المشاعر البريئة والتي لا تدرك كنهها حتىٰ، ولكنه في أمس الحاجة لها، وكأن بين ذراعيها الصغيرين هاتان تكمن طفولته، وهو يستعيدها معها من جديد، يشاركها كل صغيرة وكبيرة، ليحاول تعويضها عما تفتقده من أبويها.

الــمَـنبُــوذ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن