الفصل السابع عشر:« اعترافٍ صادم».

96 8 19
                                    

_ قراءة مُمتعة يا رِفاق").

*********

_ معـــــاذ!

ولكن نداؤه كان متأخرًا، وقد اتسعت أعين «معاذ» صارخًا بألم، حين شعر بنصلٍ حادٍ يخترق أنسجة جانبه بقوة، وبسائلٍ لزج شعر به يسيل وهو يضع يده علىٰ مكان الجرح، رافعًا إياها أمام وجهه ملطخة بالدماء الساخنة، ولم يشعر بنفسه سوى وهو يقع أرضًا، وأخر ما تذكره صرخة «نائل» الفزعة باسمه، وهو يتلقف جسده المسجى بالدماء بين يديه.

لا يدري لما كلما حاول الهروب من أشباح ماضيه، يراها تعودُ من جديد بقوة تضاهي السابقة؟!
هو دونًا عن الجميع كان يحاول طمس ماحدث في الماضي، وما سببه له صدمة  الفقد في تلك المرة، وكم تمنى ألا يجرب هذا الشعور مرة أخرىٰ! ولكن يأبىٰ الماضي بألمه، بلحظة فقدانه لصديقه، بعدم قدرته علىٰ مساعدته، بخروج أنفاس الأخر الأخيرة بين يديه دون أن يودعه حتىٰ!
فكيف سيتحمل أن يُعاود الشعور مرة أخرىٰ، وبين يديه يقبع جسد زميله!!

زميله الذي كان يدرك أن الخطر لم ينقشع، وأنه سيطاله مهما تريث الظالم! ولكنه لم يتوقع أن يكون بمثل هذا الألم! ولم يتوقع أن يكون أمامه وبين يديه كما المرة السابقة، وكما حدث مع «فارس» الذي ولحسن حظه لم يمت بين يديه!

كان الأخر المسجى بين يديه بنصف وعي، عيناه شبه مفتوحتان، والألم بادي بقوة علىٰ وجهه، و«نائل» ينظر له بشيء من الفزع، ولا يعرف ماذا يفعل، ولكن كل ما استطاع قوله بكلماتٍ متلعثمة، ونبرة متقطعة مبحوحة:
_ معــ.... معاذ لا تغلق عينيك... ابق معي حتىٰ... حتىٰ تأتي الاسعاف... معاذ لا.. لا تغلق عينيك.. لا..

كان يهز رأسه نافيًا بقوة وبهيستيريا أظهرت مدى ضعفه وهلعه من الأمر، والأخر فقد وعيه غير مدرك لأي شيء، فقط الألم انتشر علىٰ مسار جسده كله بقوة، ورغم عدم عمق وكبر الطعنة، ولكنه لم يتحمل فاقدًا وعيه لحين اسعافه.

و «نائل» لم يدرك كيف تجمهر الناس حوله في لمح البصر، كما الجراد بكثرتهم، والبعض يهتف مطمئنًا إياه أنه سيكون بخير، والبعض الأخر مخبرًا إياه أنهم هاتفوا سيارة الاسعاف وهاهي علىٰ وصول، ولا يعرف كيف جاء زملاءهم في العمل بسرعة ليتحلقوا حولهم، وقد ساعد بعض الشباب في حمل «معاذ» بقوة من بين يدي «نائل» المتشبثتان فيه، وكأنه إن تركه سيموت، وسيغرق في لجة كوابيسه مرة أخرىٰ!
حتىٰ وجد نفسه في النهاية في سيارة الاسعاف معه، وقد اهتم به المسعفون وأخبروه بأن الأمر ليس بالخطير جدًا، وقد أصر بقوة بعد أن عاد له انتباهه أن يرافقه هو في نفس السيارة، وهاهو يجلس بجواره يناظره بأعين مترجية ألا يستسلم، فهو كان شريكًا معه في الشجار، فكيف ينجو هو ويثأرون من الأخر!!

الــمَـنبُــوذ. Where stories live. Discover now