الفصل الثامن:« الماضي يتكرر من جديد».

129 10 9
                                    

_ قراءة مُمتعة يا رِفاق").

***********

«بعد يومين: صباح الأحد».

كان يقف أمام صرح كبير، وبيده الملف الذي يحوي كل أوراقه التي قد يحتاجها أو لا يحتاجها، ذاهل! بالطبع، فهو لم يصدق بعد أنهم أعطوه فرصة لأن يبدأ، أن يخط لأهدافه من جديد، زارعين فيه أمل لا يعلم هل يسقيه لينمو، أم يتركه هكذا قاحلًا لا يحلم في استمراره!!

يعلم أنه لم يحصل علىٰ الفرصة كاملة، فينتظره مقابلة وقد تنجح، وقد لاء كسابق المقابلات التي تقدم لها، ولكن هل ينزع بذرة الأمل التي زُرعت فيه من البداية، أم ينتظر لعلها لا تخذله!! لا يعلم بالأكيد، فهو مشوش، حائر، يائس من القبول، لم يشيع رحيله للمقابلة بدعواتٍ قد تساعده فيفلح، أو تربيتة علىٰ كتفه تشجعه، حتىٰ ابتسامة تخبره أنه إن لم ينجح سيبقىٰ مرحب به بينهم!! كل هذا لم يصاحبه حينما خرج من منزله، بل خرج خالي الوفاض من كل ما تمناه، وللأحق صاحبته نظرات عدم الأمل، والسخرية من أن يُقبل به، وهو الذي ذهب لشركات، وأعمال أقل من هذه ولم يفلح حتىٰ في الموافقة علىٰ توظيفه، فهل سيُقبل في عالمٍ كبيرٍ كهذا!! وسط الكثيرين من الخبراء، وأصحاب النفوذ! لا يعلم أي شيء، القادم مجهول دومًا له، ويترك نفسه لجهله حتىٰ يغلبه دومًا.

تقدم بخطوات مترقبة للمجهول، يخشىٰ نماء تلك البذرة، وفي نفس الوقت يحاول ألا يستئصلها، فكان يمشي بين الرحىٰ، متوكلًا علىٰ ربه في ألا يُخذل هذه المرة أيضًا.

ألقىٰ السلام علىٰ الحارس الأمني للمكان، وأخبره أنه من ضمن المتقدمين للوظيفة التي أعلن عنها المكان، ليسمح له بالدخول بجمود اعتاد عليه بسبب وظيفته، ليحاول الأخر أن يصطنع ابتسامة شاكرة له، وهو يدلف للداخل حيث خلية النحل التي تعمل هذه، الجميع في حالة ذهاب وإياب في المكان، لا يوجد أحد يجلس بلا عمل، ليتقدم وهو يحاول نبذ حالة التوتر والقلق اللذان توغلا له، مستنشقًا زفيرًا طويلًا لعله يهدئه قليلًا، وهو يتجه لطاولة الاستقبال، متحدثًا بلباقة لتلك التي تجلس عليها:
_ مرحبًا.. كنت أود معرفة أين المكان الذي سيتم فيه إجراء مقابلة العمل للوظيفة.

_ تشرفنا أستاذ.. أعطني اسمك.. وتفضل ناحية اليمين.. أخر غرفة في الممر.

قالتها الموظفة بعملية وهي تتطلع له، وتسجل شيء علىٰ الجهاز أمامها، ليمليها اسمه ويشكرها بلباقة واحترام، ثم توجه حيث أخبرته للمكان الذي يريده، طاردًا كل الأفكار السوداء التي تحوم فوق رأسه، والتي ازدادت خصيصًا عندما وجد قوم من المتقدمين ينتظرون دورهم، وبنظرة سريعة لهم ولهيئتهم الوقورة، والتي تليق بالعمل في صرح كهذا، علم أن الحرب لن تكون في صالحه أبدًا، بهيئته البائسة هذه، وملابسه التي لا تدل علىٰ اهتمامه الشديد بالمظهر الخارجي كباقي الجالسين، سواء ذكور أو إناث، المنافسة لن تكون عادلة أبدًا أبدًا يا فارس بينك وبينهم.

الــمَـنبُــوذ. Where stories live. Discover now