الفصل العشرون:«المصائب لا تنتهي».

88 9 19
                                    

قراءة مُمتعة يا رِفاق").

*****

تشعر بأنها في خضم صراعاتٍ كثيرة لا تنتهي، مازال أمر خطبتها هذه في حيز أفكارها لا يغادرها أبدًا، تود تارة أن تسأله لما هي بالأصل! وتارة أخرى يتملكها غضب شديد منه دون أي سبب، وتود فقط لو رأته أن تنشب أظافرها في وجهه فتشوه معالمه لأنه دخل في حدودها التي ترفض لأيٍ كان أن يقتحمها! هو حتى لم يقابلها إلا مرة واحدة بعد سنواتٍ طالت فرأى أنها الأجدر بأن يكمل معها حياته! وأن تكون شريكة أيامه وخطواته!! ما هذا العبث بالأصل!

ولكنها تعود وتحدث نفسها من أي شيء هي غاضبة؟ هل لأنها لم تُكمل حلمها بحبيبٍ لم يرها يومًا لأكثر من صديقة شقيقته أم ماذا؟ حين تغضب من هذا الخاطر، تعود منهرة نفسها بأن هذا الحلم انتهى قبل أن يكتمل، وكان لا مفر من انتهاؤه، وترجح الفضل في هذا للخطيب المزعوم الذي جاء على حين غرة، فجعلها تطوي صفحة «فارس» التي لم تكتب فيها شيء بعد، فهل تشكره أم تكمل غارات غضبها عليه؟!

خرجت من المحل في المنطقة التي تبعد عن بيتها قليلًا، والأفكار تتناطح وتتصارع داخل عقلها، حتى أن الأشياء التي جاءت خصيصًا لتجلبها لم تكن بكامل إداركها وهي تنتقيهم، والآن قررت العودة بشغفٍ ميت كحال أيامها السوابق، ولا شيء فيها بكامل صحوه ويقظته وكأنه مرتشف من المنبهات ما يفوق الكثرة سوى أفكارها داخل عقلها اللعين، تود لو تصمت قليلًا، وتتوقف الأصوات الصارخة المتناطحة داخل عقلها قبل أن تصاب بمسٍ من جنون.

_هدى!!

التفتت على الصوت الذكوري المألوف والغير مألوف! ويا ليتها لم تلتفت، ولا تعلم أمن حسن حظها أنه قفز من مخيلتها وظهر أمامها، أم من سوء حظه هو أنه جاء بالوقت الخاطئ تمامًا، فهي تمنت لو رأته أمامها حتى تعطيه ما يستحقه وزيادة.

أما عن «أحمد» فلا يعلم لمَ أوقفها حين رآها؟ هو بالأصل كان متشكك من رؤيتها هنا، ماذا تفعل في منطقتهم! وأيضًا لمَ أوققها وهو يشعر بحدسه أنه تضمر له كل غضب، وتود لو تنقض عليه فتصرعه شتمًا وضربًا وإهانة! مهلًا مهلًا.. هو ماذا فعل ليفكر بكل هذا؟ لقد تقدم لخطبتها فقط بعد رؤيتها لمرة واحدة بعد طول غياب، حتى هو لم يعرف عنها أي شيء تمامًا، لا حياتها، ولا دراستها، ولا حتى عن قلبها حتى يأمر باقتحامه! فمن المؤكد أن تصده هكذا، وتطالعه بأعين تطلق شررًا.

هو فقط رآها، ورأى فيها تعويضًا عن نقصٍ لم يكن سببًا فيها، هل أرادها أن تغذي عقدة رفضه؟ ألم يخف من تكرار التجربة مرة أخرى؟ أيدخل معها في حرب قلوب.. وقلبه الملعون لم يبرأ بعد من تجربته السابقة؟ أي لعينٍ هو! هو ليس كذلك، ليس الذي يلعب بكل جرأة هكذا، وليس الذي يعوض نقص بنقصٍ أخر! فكيف يخرج من تلك معضلة أكبر منه ومن طاقته وقلبه، وهو الذي دخلها بكل إرادته، ورأى القبول في أعين العائلتين، ولكن عنهما سويًا فلا يرى قبولًا يكاد ينبت حتى!

الــمَـنبُــوذ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن