الفصل الثاني عشر:«بداية جديدة».

108 12 35
                                    

_قراءة مُمتعة يا رِفاق").

**********

_ أسبوعين يا نائل لا نراك فيهما؟! هُنّا عليك هكذا لتتركنا ولا تسأل عنا!!

_ أعتذر أمي حدثت لي بعض الأحداث التي جعلتني لا أتفرغ للمجيء إليكما، ولكن ها أنا هنا.. أين أبي؟!

دلف بخطىٰ مسرعة للداخل، مناديًا بصوتٍ جهوري بلفظة «أبي»، تاركًا الأخر ورائه فاغرًا فمه بصدمة مما يراه ويسمع، ولا يجد تفسيرًا لما يحدث أمام ناظريه الآن ومسامعه!!

أحيانًا تكون علىٰ يقين بأنك سابرًا أغوار من أمامك، أو أنك أصبحت بالقرب الذي يجعلك عالمًا بكل أحواله، وحياته منذ وطأت قدماك أرضها! ولكن تأتيك بعض الأمور، الثغرات التي قد تكون صغيرة بالنسبة لغيرك، لكنها تعني لك الكثير، خاصةً حينما تكون متأكدًا من مكانتك التي احتلتها لديه؛ فتشعر حينها بأنك لم توطن جهدك أكثر من هذا، أو أنك لم تعرف الذي أمامك حق المعرفة، أو تعطيه الثقة الكاملة التي قد تجعله يخبرك بدواخله.

وهكذا كان حال «فارس» وهو لا يعي بالضبط كل ما يحدث أمامه، ولا كيف يناجي هذا الصديق هذه المرأة بلفظ الوالدة، وبالداخل هناك من يناديه بأبي، الأمر برمته غريب خاصةً أنه يعلم أن والديه ليسا في هذه المنطقة، ولكنه توصل إلىٰ نقطةٍ أراحته نوعًا ما، ودحرت كل هذه الأفكار التي تحتله منذ عدة لحظات، وهو أنه ربما يناديهما من باب هكذا من باب الاحترام، أو أنهما يقربانه بشيء!! نعم هذا هو التفسير الصحيح والمطلوب الآن.

_ هل ستظل واقف هكذا يا ولدي!

أخرجته بها تلك السيدة التي تقف أمامه، ليجلي حلقه قبل أن يردف بتوتر نال منه:
_ لا بالطبع، ولكن أين ذهب نائل؟!

انفرج ثغرها عن ابتسامة حانية، وهي تشير له بكفها المجعد، والذي نالت منه السنون، مع قولها الباسم الذي بانت فيه نواجذها:
_ ادخل يا ولدي، فنائل يأخذ حقه الآن من التوبيخ، فوالده لن يرحمه حتىٰ يقتص منه بسبب إطالة مدته هذه المرة.. تفضل بني.

جاورها وهو يخطو بخطىٰ مترددة قليلًا، وقد عادت الظنون تناوش عقله بعد كلمات المرأة، وحين وصل للمكان الذي رأى «نائل» فيه، وهو يجثو علىٰ ركبتيه أمام رجل ربما قد تجاوز الستون من عمره، وهو جالس علىٰ أريكة أثيرة، ويجذب بأذن هذا الجاثي أمامه، وكلاهما يبتسمان، فالأول يبتسم ويتصنع الألم بامتعاض ملامحه، والأخر يبتسم بحنو وقد بان أنه يعنفه، وقد وصل له من حديثه قوله وهو يجذب أذن الأخر أكثر:
_ هل عودتك أنا علىٰ المغيب كل هذا!! أين وعدك بأنك إن لم تأتي يوميًا فمرتان في الأسبوع، وإن لم تستطع ذلك فمرة واحدة.. لكن أسبوعان يا جاحد.. وقد أوشكت علىٰ بلوغ الثالث هاهو.. ولم نرى طيفك كل هذا! ولولا مهاتفتك لنا لظننا الظنون.

_ يا أبي لقد خرجت أذني من مكانها! ولا يصح أن تعنفني هكذا أمام ضيفي وصديقي.. هل هذه شيمك يا سلامة!!

الــمَـنبُــوذ. Όπου ζουν οι ιστορίες. Ανακάλυψε τώρα