الفصل الثاني والعشرون:« لا تنوي خيرًا أبدًا».

68 5 30
                                    

قراءة مُمتعة يا رِفاق"))

*****

نتمنى لو يهدأ ذلك الضجيج الذي لا يتوقف،
ضجبج الأفكار التي تجلد
والتي تغالي في أمنياتها ولا تدرك أنها في واقعٍ بئس هو!
تخفت كل الأصوات من حولنا..
والصوت الوحيد الذي نتمنى أن يخرس؛ هو صوت عقولنا.

«سماح محمد».

*****

كان يلقي بسهام كلماته بلا هوادة، لا يدرك أن كل سهمٍ منها لا يخطئ مرماه أبدًا بقلبها، هو في أوج غضبه وثورته لا يفرق بين أي شيء، وهي في دواماتها التي تسحبها بلا رحمة، بلا أي ضميرٍ كانت تجذبها نحو الهاوية التي ظنت أنها وأخيرًا استطاعت الخروج منها، لتكتشف أنها أبدًا لن تخرج منها وهي ساكنة بداخلها، حاربت كثيرًا، قاومت بشدة تلك الدوامة السوداء التي تغريها مع اتهاماته التي لم ترحمها، مع تبلي الغير عليها وهي لم تفعل شيء، وشيئًا فشيئًا كانت تستسلم، فأين هي ومقاومتها من كل هذا؟ وأين هتافها العالي دومًا ألا تستسلم!! لا شيء الآن! هي تغرق داخل لجتها والجميع لا يرحم، وأخر ما وصل لسمعها قبل أن تغلق الدنيا أستارها أمام عينيها وتحل الدجنة، صراخه العالي باسمها من بين وعيها قبل أن تفقده.
_ســينيـــن!

انتفض «فارس» مقتربًا منها بسرعة يتلقفها بين يديه دون أدنى تفكير منه، حتى الأخر الذي كان يصرخ منذ قليل ملقيًا عليها تهم ليست فيها، ولا هو من ملقيها نهايةً، توتر واتسعت حدقتاه بغتة وهو يراها تفقد وعيها بين يد «فارس» الذي لحقها قبل أن يرتطم جسدها أرضًا، ولم يفق من صدمته هذه إلاّ على صراخ الأخر فيه بصوتٍ جهوري يحفه الخوف والقلق الذي دبّ فيه:
_ اللعنة ثائر نادِ على أي طبيب.

ولم ينتظر الأخر ثانية أخرى وكان يهرول يبحث عن أي طبيب في الرواق بسرعة، وجسده يرتجف بشعور الذنب الذي وللعجب انتقل له الآن!!

وبعد فترة كانت «سينين» ممددة على الفراش الأبيض، مغمضة عينيها وقد انتهت الطبيبة من قياس مؤشراتها الحيوية والاطمئنان عليها، ملخصة فعلها كله بقولها لهم حين خرجت لهم من الغرفة:
_ لا يوجد شيء مجرد انخفاض في ضغط الدم أدى لفقدان وعيها.. ومن الواضح أنها تعرضت لصدمة عصبية أو نفسية أدت لذلك.. سينتهي المحلول الطبي الآن وتكون قد فاقت.. بالشفاء لها.. عن إذنكم.

تركتهما وتحركت مغادرة، قبل أن يلتفت «فارس» نحو الذي يجاوره بتوتر وشعور بالذنب يكلل عنقه، بعدما جاءت زميلة لها أخرى وقصت عليهما ما حدث بالضبط، وأنها هي التي قامت بندائها ولم تهمل «سينين» الصغيرة أبدًا بل كانت تحاول جاهدة أن تشغل وقتها حتى يأتي والدها ليأخذها، ولكن الصغيرة هي التي تهورت بسرعة دون أن يدركها أحد، ومن حينها وهو يشعر بطوق من خزي يطوّق عنقه ويقيده، ونظرات الأخر لم ترحمه، ليصيح فيه بنفاذ صبر وهو يستقيم للذهاب للاطمئنان على ابنته بعدما تركها بعهدة الممرضة وعمه الذي أتى من فوره بعدما علم بالأمر:
_لا تنظر لي هكذا فارس.. لو أنك مكاني لفعلت الأكثر دون أن تفرق بين الحقيقة.

الــمَـنبُــوذ. Where stories live. Discover now