وساوِس الماضِي

16.1K 1.3K 1.2K
                                    


𓆩𔓘𓆪

كَان المَقهى مَحشوًا بالزبائِن، وَلكِي ألتهِي عَن أفكَاري الهدَّامة، كُنت يدًا أخرَى لرِين اليَوم.

أَتنقّل بَين الطَّاولات، بَين الكُؤوسِ الدَّافِئة وَ رائِحة الفَطائِر المُّحَلاة.

ابتَسمتُ لِتلكَ السَّيدة أقدمُ لَها عَصيرًا إِستوائِيًا، لألتَفت حَيث البَاب الزُّجاجِي يَسمح لِفيونا بِالولُوج إِلى هُنا.

مَا إِن سَقطَت حَدقتَيها البُندقِية عَلي حتّى لَمحت إِبتسامَتها المنزعجَة كالعَادَة، وكأنّها لَا تطيقُ مُشاطرتِي أكسجِين المكَان نفسَه.

"انظرُوا مَن لدينَا هنَا، لَم أركِ منذُ فترَة"
نَبسَت تُطالعنِي مِن رأسِي إِلى كعبِ حذائِي، لِتتدحرج مُقلتَيها يُمنة وَ يسرَى، بالتأكِيد هِي تَبحث عَنه.

"تَجدِينه فِي المطبَخ"

"لَم آتِي لِرؤيتِه، بَل لِأحتسِي شرابًا معكِ يا أورورَا"

ضَممتُ الصِّينيةَ إِلى صدرِي وَ قَد لمحتُ فِي عَينَيها شَيئًا مِن الهُدوء وَ الإِستكانَة، وَ ليسَت تلكَ النَّظرات الحانِقة كَالعَادَة.

"هُنا؟ الآن؟"
أومَأتْ لأستسلِم لِمطلبَها، فِيونَا لَيست مِن النوعِ الصَّبور، إِن قمتُ بِمعاندتِها سَوف تَبدأ بالهطلِ وَ العصفِ غَير آبهةٍ بالأنَاسِ هُنا.

"بِت أراكِ كَثيرةَ التواجدِ هُنا، هَل أصبحَ عملكِ مَع رِين؟"

"لَا.. إِنه ليسَ كذلِك"

تمتمتُ أَشدُّ أكمامَ ثوبِي أغطِي كَفي يَداي، أُلصِق أنظارِي نحوَ النُّتوئاتِ الخَشبَية عَلى الطَّاولة.

"لَقد رأيتُ والدتكِ اليَوم فِي المَخبز "

"أمِّي!"

هَتفتُ بِشيءٍ مِن الشَّوق لِمجردِ أنَّ أحدًا ذَكرها أمامِي، يينمَا هِي مَالت بِجسدها النُّحاسِي عَلى الكُرسِي مُكتفةً يَديها مردفَة بنبرَة محتارَة

"وَ شقيقتكِ آن أيضًا، وَ استغربتُ أننِي لَم أجدكِ مَعهما"

قَضمت وجنتِي أشدُ بِقبضتِي عَلى سِلسلةِ قِلادتِي، وقَد تهرّبت مِن النّظر إليهَا أستغيثُ بالنّافذة وصورَة وجهُ أمِّي السّاخط تتجسَّد أمامِي.

"هَل تعلمِين مَاذا أجابَت والدتكِ عندمَا سألتهَا عَن أحوالِك يَا أورورَا؟"

تَفرقَت شَفتاي لَعلها تَنسج كَلمة أًقطع بِها صمتِي إِلا أنَّ فيونَا أخرستنِي بِما قَالته

"سألتنِي مَن هِي أورورَا؟"

لَ.. لا يُمكِن..

لَا يُمكِن أنَّ أمِّي حقًا قَد قَالت ذَلِك..

أتاراكسياWhere stories live. Discover now