رشفَة مِن الجنُون

8.1K 1K 1K
                                    

𓆩𔓘𓆪


هذَا الفَراغ الذِي يُحيطنِي يلفُّ سلاسلَ الدُّجَن حولِي، ظَلامٌ يُغلفنِي جاعلًا إيَّاي أسيرَته المَخذولَة.

كلمَا استدرتُ وَ نظرتُ مِن حولِي أجدُ صورًا بغشاءٍ ضبابِي يعتليهَا، وجوهٌ مُعاتِبة وَهمساتٌ لائِمة. 

وَ إذَا مَا أردتُ الجَري وَ الهَرب أجدُ ظِلالًا سودَاء تطوِّقُ قدمَاي، تجرُّني جرَّا نحوَ تلكَ البوابَة. 

البوابَة التِي تأخذنِي لأسوَأ وَ أقبحِ كابوسٍ خضتُه. 

وَ عندمَا مددتُ يدِي علَّ أمِّي تنقذنِي، أجِدها قَد أدارَت ظهرهَا تبتعدُ عنِّي، لأُحبَس خلفَ هذَا البَاب ومَا عُدت أبصِر بصيصَ ضوءٍ مِن المخرَج. 

أجدُ نفسِي مسجونَة برفقةِ ذلكَ الضَّمِير المُهتَاج، أنَا وَ هُو فقَط مَن نتعارَك، وَ لستُ أدرِي متَى سيفقدُ آخِر ذرةِ رحمَةٍ لدَيه ليكشِّر عَن أنيابِه وَ يفترسنِي. 

.

.

.

.

.

.

.

.

.

انفرجَت جفونِي لأشعُر بألمٍ يفتكُ بُجمجمتِي بسببِ الضَّوء الأبيَض الساقطِ علَي. 

رائِحة معقمَات قوِية تخترقُ أنفِي، كمَا أشعُر أننِي فوقَ سَرير، حركتُ يدِي لأرَى أنبوبًا موصولًا بينَ إبرةٍ غُرِزت فِي وريدِي وَ المحلُول أعلَاي. 

لماذَا أنَا فِي المشفَى؟ مَا الذِي حدَث؟ 

اضطجعتُ لأنتبِه لملابسِي التِي تمَّ تبديلُها، شعرِي المُبلل، مَ ماذَا حدَث؟ 

أشعُر بالعطَش الشَّديد، وَ كأننِي سرتُ لأميَال فِي حضنِ الصحرَاء.

الجدَّة آنِي! يَا إلهِي أينَ هِي؟ 

مَن الذِي جلبنِي إلَى هنَا؟ 

قبضتُ عَلى المُلائَة البيضَاء أبللُ حلقِي، مِن المُستحِيل أَن تكونَ هِي مَن أحضرتنِي! 

ربمَا إحدى الفتاتَين. 

حاولتُ إلتقاطَ نفَسِي لأنبِس بصوتٍ مرتفِع 

"مرحبًا، أحتَاج للمساعدَة رجاءً" 

لَم ألبِث أَن أتحدَّث حتَّى لمحتُ ظِلانِ يقفانِ خلفَ البَاب عبرَ النافِذة الضبابيِة، صوتهمَا خافِت وَ غيرُ واضِح، لكِن حالمَا فُتح حدقتَاي اتَّسعتَا فِي إندهَاش، لَم أتصوَّر رؤيتَه هنَا! 

"هَا قَد استَيقظَت الحسنَاء النائمَة أخيرًا" 

"مَ ماذَا حدَث لِي؟ لمَا أنَا هنَا؟ بَل مَن جلبنِي؟" 

أتاراكسياWhere stories live. Discover now