يأتِي ويذهَب

9.6K 1K 815
                                    

𓆩𔓘𓆪

"مَاذَا؟ مَا الذِي كَتبُوه؟" 

"هَيا يَا أورورَا اقرَأي بِسرعَة، قلوبنَا ترتجِفُ يا ابنتِي"

قضمتُ شَفتَاي لآخذَ نفسًا عميقًا، أقلِب الأورَاق بحثًا عَن مُرادي مِن بينِ الجُمل الطّويلة بقلبٍ يخفِق وسطَ تخبطاتِ والدتِي وَ شقيقتِي. 

"أمِّي.."

تمتمتُ لتسيلَ دمعةٌ عَلى خدِّي فيشحبَ وجهَها، لكنِني ابتسمتُ لتصفعنِي إليَانَا عَلى رقبتِي فِي غيظٍ منِّي

"كفِّ عَن اللعبِ بأعصابِنا وَ إزهاقِ راحةِ البَال! هَل تمَّ قبولكِ أم لَا؟!" 

"نَعم، لَقد تمَّ قبولِي"

أشرتُ بإصبعِي أسفلَ سِلسلةٍ مِن الأرقَام لأكمِل بصوتٍ متهدِّج 

"وَ بمنحةٍ دِراسِية أيضًا" 

"يَا إلهِي لَا أصدِّق" 

أمِّي سارَعت بضمِّي إلَى حضنهَا وسطَ انهمَار دموعِها علَى خدّيها، بينمَا انتشلَت إليانَا الرسالَة مِن يدِي تعاودُ قراءَة الورقَة ولازلتُ فِي ظلِّ عدمِ استيعابِي أنّه تمّ قبولِي فِي جامعةِ أبِي.

"هَل هذَا يعنِي أنَّكِ سَتذهبِين وَ تدرسِينَ فِيها يَا صغِيرتِي؟"

"نَعم يَا أمِّي، أصبَحت طالبَة مِن طُلاب جامعَة أكسفُورد بشكلٍ رسمِي"

مسحتُ دموعِي أحَاوِل تصدِيق أنَّ هذَا ليسَ نسجًا مِن خَيالِي أَو حلمًا سيختفِي سينقشعُ بعدَ لحَظات. رؤيتِي لصدمةِ إِليانَا بالمبلغِ الذِي منحونِي إِياه وَ دموعِ والدتِي تَتساقطُ عَلى الوَرقة جعلنِي أدركُ أنَّها حَقيقَة أريدَ التمسُّكَ بِها بأظافرِي. 

"إِلى أينَ تذهبينَ يَا آن؟" 

"لأخبرَ ذلكَ الأحمَق رِين بالطَّبع! كانَ ينتظرُ خبرًا كهذَا منذُ أشهُر وبالتّأكيد سيعانِق فيونَا لشدّة فرحِه!" 

ضحكتُ لجريِها السَّرِيع خارجًا وَ لَم تنتعِل حذائيهَا جيدًا حتَى، لأستدِير نحوَ والدتِي فأراهَا تبتسمُ لِي ولآلِئ تُرصِّع زُرقتيها. 

"سأخبرُ والدِي الآن"

"هَل يجوزُ هذَا؟ ماذَا لَو كانَ فِي المعسكَر؟" 

نفيتُ برأسِي أنتعلُ فردتِي حِذائِي، لآخذَ حقيبتِي نابسَة

"أكثَر مَن كَان ينتظرُ هذَا الخَبر مِن بينَنا جميعًا هُو أبِي، كمَا أننِي أفتقدُه، أخذُوه منّا ولكِن ليسَ مِن حقِّهم منعنَا مِن سماعِ صوتِه علَى الأقَل" 

خرجتُ لأسارِع بخطواتِي نحوَ مركزِ الإِتصالَات، بدَأتُ أتخَيل ردَّة فعلِه مِن الآن. كَم تمنيتُ لَو كَان بينَنا لأَرى ملامِح وجهِه، لأرَى لمعتَي عينَيه وهُو يذهبُ لإخبارِ كلِّ إنسٍ يعرفهُ فِي الحَي أنّه تمّ قبولِي وكأننِي الابنَة الوحيدَة فِي هذَا العالَم التِي ستدرُس هنَاك، لكنِني سأكتفِي بنبرةِ صوتِه الآن..

أتاراكسياWhere stories live. Discover now