يراعَات

8.9K 990 1.3K
                                    

𓆩𔓘𓆪


"أورورَا، أعرفكِ عَلى آروهِي، متأكِدة أنَّكما ستنسَجمَانِ جيدًا"

أَردَفَت مارِي أثنَاء احتِساءِها للشَّاي، لأوجِّه ابتِسامَة مرحِّبة نحوَ آروهِي فتبادلنِي بواحِدة أكثَر تودُّدًا. هِي سَمرَاء بشعرٍ ليلِي، مِثل شلالٍ فاحمٍ عَلى ظهرِها لكنَّها صَنعت مِنه جَدِيلة طَوِيلَة. يمكننِي الجَزم أنَّها لَيست مِن هنَا تحدُّثها بطلاقَة.

"آروهِي، سأتركُ المنزِل وَ أورورَا بِأمانتِك، أنَا أعتمدُ علَيك"

"نَعم سيدَة مارِيا، كمَا اتَّفقنَا"

لوحتُ لمارِي لتغادِر المنزِل إِلى عملِها. وَ قبلَ أَن أنهَض استَوقفتنِي آروهِي بوقوفِها أمامِي.

"قَالت لِي السَّيدَة مارِيا أَن أعتنِي بأمرِ تغذيتكِ جيدًا، وَ أنتِ لَم تأكلِي سِوى بضعِ لُقيمَات صغِيرة، هَل تتبعِين حِميَة لأجلِ حبِيب"

حَ حَبِيب! نفيتُ بِرأسِي لتعيدنِي نحوَ مقعدِي تدفعُ بطبقِ البيضِ المسلوقِ أمامِي، رغمَ صغِر سنِّها لكِن لدَيها هالَة الهَيمَنة وَ الإخضَاع! كمَا أنَّ قبضَتها قَوية..

شرعتُ فِي حشوِ معدتِي لكَي تبتعِد، حَيث بدَأت فِي جمعِ الأطباقِ الفارِغة والطّعام يملَأ فمِي.

تواجدِ آروهِي هنَا سيسببُ عرقَلةً كَبِيرة، كَيف سأتمكنُ مِن الصُّعود لآيدِن بِوجودِها؟ سيظُن هُو بِأننِي أتهرَب مِنه..

أطلقتُ تنهِيدة يائِسة أحتسِي آخِر قطراتٍ مِن قدحِ الشَّاي، لأنهضَ بسرعةٍ مستغلةً كونَها فِي المطبَخ.

وَ أثنَاء ارتِدائِي لثيابِي خَطر فِي بالِي أَن أكتُب لَه عنهَا قبلَ ذهابِي للعِيادَة، ربمَا حِينها لَن يظنَّ بأننِي جَبانَة تبتغِي الفِرار مِنه!

كَانت آروهِي تمسحُ الطَّاوِلة، فصعدتُ متوجهَة نحوَ بابِ حجرتِه، لأحشُر الورَقة أسفَله.

وعندمَا خَرجت أضعُ حَقيبتِي عَلى كتفِي جفلتُ لرؤيتِها أمامِي، كَيف تختفِي وَ تظهَر فجأًة؟!

"إِلى أينَ أنتِ ذاهِبة يَا آنِسة؟"

"لِ لعملِي، هَل تحتاجِين لِشَيءٍ قبلَ ذهابِي؟"

مُقلَتيها البندُقِية فتَّشتنِي لتثيرَ ارتِباكِي، لكنَّها نَفت تفتحُ بابَ حجرتِي

"سأبدَأ بغرفتكِ إذًا، إِن لَم يَكن لديكِ مانِع"

"بالطَّبع"

هذَا كلُّ مَا تفوهتُ بِه قبلَ خروجِي مِن المنزِل. لَا أعلَم لماذَا هِي تثيرُ ريبتِي، ربمَا لأننِي لستُ معتَادةً عَليها بَعد.

سمَاء انجلترَا حزِينة بلونِها الشَّاحِب، وَ السُّحب قَد تَبعثَرت هنَا وَ هنَاك لتسبحَ فِي الفَضاء ببُطىء، انُّه طقسِي المُفضل، فأنَا أكرَه الشَّمس السَّاطِعة.

أتاراكسياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن