أزهَار الشّمس

8.9K 963 358
                                    

𓆩𔓘𓆪


تقلّبت نحوَ الجهَة الأخرَى أحاوِل العثُور علَى وضعِية تُريحنِي، لكننِي فرَجت جفونِي حالمَا تذكّرت أنّ آيدِن فِي حجرتِي. بيدَ أننِي فقدتُ أثرَ رائحةِ عِطره لأدرِك أنّه غادَر الحُجرة وكأنّه كانَ كابوسًا انقشعَ مَع استيقاظِي.

حدقتَاي سقطتَا علَى دفترِي حيثُ تركتُه لأتنهّد فِي ارتيَاح. لَا شكّ أنّ آروهِي قَد انتَهت مِن التنظِيف، إذ يمكننِي شمُّ رائحَة الطّعام القادمَة مِن الأسفَل. لأسرِع بالنُّزول فأبتسمُ كونَ أنفِي لَم يخطِئ، أطالعهَا وهِي تضعُ آخِر طبقٍ علَى المائدَة لتنتبِه علَي

"يبدُو أنّكِ أكولَة رغمَ ضآلةِ جسدِك"

"أمِّي أخبرتنِي بمدَى كونِي محظوظَة لإمتلاكِي علَى هذهِ القُدرة، وإلّا لكنتُ برميلًا يُدحرجه النّاس لاعتراضِي لطريقِهم"
هِي تبسَّمت لكلامِي تسكبُ العصِير دونَ أن تسمَح لقطرَة بالفِرار مِن الكَأس، لأجلِس فِي مكانِي المعتَاد ولعابِي بدَأ يتجمّع فِي فمِي لتخيُّلي مذاقَ مَا طَهته.

بهارَات كثيرَة وغريبَة، الفُلفل الحَار، دجَاجٌ أحمَر برّاق، وجّهت حدقتَاي نحوهَا لأبتسمَ أنبِس فِي شيءٍ مِن اللهفَة
"هَل أنتِ مِن الهِند؟"

"لستُ مستغربَة لمعرفتكِ لهذَا الأمرِ بسرعَة، يبدُو لِي أنّ ثقافتكِ ليسَت محصورَة أيتهَا الصغِيرة"

ص صغِيرة؟ لماذَا يتمُّ معاملتِي علَى أننِي طفلَة فِي هذَا المنزِل!
تذّوقت ملعقَة مِن الأرُز لأضعَ يدِي علَى وجنتِي أمضغُ فِي استمتَاع
"كانَ مِن الأفضَل لَو تفتحِي مطعمًا هنَا! لكانَت المجاعَة قَد انتَهت"

"شكرًا لإطراءِك لكننِي أحبِّذ البقَاء بعيدًا وألّا أختلطَ بالأناسِ هنَا كثيرًا"
عقدتُ حاجِباي لأبتلعَ اللقمَة نابسَة
"لماذَا؟ ألَا تحبِّين العَيش هنَا؟"

"بريطانيَا لَا ذنبَ لهَا بحُكّامها، لقَد استعبدُوا حوالَي مليونَين مِن أبناءِ وطنِي لبيعِهم فِي أوروبَا، كانَ الأمر أشبَه برؤيتنَا علَى أنّنا بضائِع مُستورَدة"

تهدُّج صوتِها جعلنِي أتوقّف عَن تناولِ الطّعام، لَم أتوقّع أن ينجرِف الحِوار إلَى هذَا الطّريق..
لكنّها محقّة، الكثِير مِن الهنُود تمّ استغلَال بِلادهم لأجلِ أغراضٍ صناعِية وطمعًا بأراضِيهم، ناهِيك عَن تشريدِهم وتفريقِ العائلاتِ عَن بعضهَا.

"لَم يبقَ لِي أحدٌ مِن عائلتِي سوَى أخِي"

تدهورُ صوتِها وكأنّها علَى الحافّة قَد سدّ شهيتِي فأتركُ شوكتِي.

ليتنِي لَم أسأل..


عندمَا أنظرُ إِلى الأشيَاء التِي أملكُها بينمَا غيرِي لَم يَعد، تأتِيني رغبَة عارِمة بالمحافظةِ علَيها بشكلٍ أقوَى مِن السّّابِق. هِي فقَدت عائلتَها بينمَا عائلتِي لَا تزالُ موجودَة. النَّظر إِلى مصائِب النَّاس يُهونُ علَيك مَصائبَك بالفِعل..

أتاراكسياWhere stories live. Discover now