الفصل التاسع

34.2K 919 31
                                    

الفصـل التاســع
فريســة للماضــي
ــــــــــــــــــــ

أغمض عينيه قليلاً متهيئـا لمقابلتــه الوخيمة معهــا ، سرح وليد بفكره لخيانته لها في السـابق ومدي معاناتها عندما علمت بأنه مع أخري ، وما هي العواقب التي انبثقت منها ، واستسمحته زوجته كونه لم يقترف شيئًا ، ولكنه في تلك اللحظة علي وعي بما سيفعله ، وزكا بذلك ان زوجته من دفعته لسد ميوله الدفينة واحتياجاته كرجل بسبب إهمالها له ، جلس وليد يفكر مليًا في ذهابه إليها ، خاصةً رغبتها هي الأخري فيه، وأخذ قراره بالذهاب ، أرتدي ملابسه وتأهب لذلك ، ثم التقط مفتاح سيارته وهدج للخارج ....

هرولت ميرا حاملة ابنها بين ذراعيها ، ورآته في الممر العلوي متهيئًا لهبوط الدرج، استوقفته صارخة بنبرة قلقة مرتعدة:
- وليد ألحقني ، اياد سخن قوي وتعبان .
استدار اليها سريعًا واضطربت أعضاءه كليًا ، لم يتواني في الركض نحوها ، والتقف ابنه من بين ذراعيها قائلاً بقلقٍ جارف :
- ماله يا ميرا ، ايه اللي حصله؟ .
ردت ميرا ببكاء شديد :
۔ مش عارفه يا وليد ، انا خايفة عليه قوي .
وليد مهدئًا إياه رغم قلقه الساحق :
- اهدي يا ميرا ، يلا ناخده دلوقتي علي المستشفي .
ردت ميرا بموافقه :
۔ بسرعة يا وليد ، انا مش عارفه حصله ايه فجأة .
اومأ برأسه وضمه لحضنه وهرع به للأسفل ، وهي الأخري خلفه تتمتم ببعض الأدعية وهي تترجي ربها......
______________________

وصلوا إلی منزلهم في صمت ، جلس حسام علي الأريكة بهدوء ، وجلست مريم هي الأخري ملتصقة به ، ابتسم حسام ومررت يدها علي رأسه وظهره قائلة بحب :
- لسه زعلان يا حبيبي .
حرك رأسه بنفي ورد بهدوء زائف :
- لا مش زعلان يا حبيبتي ، طول ما احنا سوا انا مش عايز حاجة تانية .
مريم بابتسامة قالت : طيب وزين والصغير .
حسام بابتسامة هادئة رد :
۔ زين دا حبيبي ، كفايه اسمه علي اسم أعز اصحابي ، وأخو اغلي حاجه عندي .
مريم وهي تطوق عنقه :
- عايزاك متفكرش في حد تاني غيرنا ، انا وانت وزين وبس ، اي حد تاني لأ .
ضمها حسام اليه ورد بحب :
- وهو ده اللي هيحصل يا حبيبتي .
سلط حسام بصره خلفها ناظرًا لشيء ما ، عبست مريم بتعابيرها متعجبة منه ، ثم وجهت بصرها خلفها وجدت الخادمة تقوم بتنظيف الإطار المعلق علي الحائط ، وملابسها عارية ومثيرة ، حدجتها مريم بنظرات شرسة ، ثم استدارت ناحيته ورمقته بغيظ ، قامت بلكزه بقوة علي كتفه وعنفته :
- وانت اللي صعبان عليا ، ازعل ولا روح في داهية .
حسام بضحك وهم يمسك معصمي يدها :
- أعمل ايه يعني ، اي حد ممكن يبص .
قالت مريم بامتعاض :
۔ اي حد قليل الأدب ، بس انا من بكرة هشوف غيرها ..انا بقول أهو....
______________________

عاد من عمله بعد يوم مرهق ، صف زين سيارته أمام عوامته الخاصة وقام بالترجل منها ، لمحه الحارس فهرع اليه وهتف بلهفة بائنة :
- الحق يا سعادة البيه .
سأل زين بتعابير مقتطبة :
۔ فيه يا ايه يا بني آدم انتي ، مالك ؟.
رد البواب وهو يلتقط انفاسه :
- الست نور يا سعادة البيه ، خرجت من العوامة وكانت بتجري ، وسألتها رايحة فين مردتش عليا.
قال زين بعدم فهم :
۔ يعني ايه كانت بتجري ، تعبانه يعني .
رد البواب بجهل :
- معرفش حاجة يا سعادة البيه ، دا خرجت من العوامة وسابت الباب مفتوح ، وركبت تاكسي من علي الطريق.
شرد زين بفكره قليلاً قائلاً :
- هتكون راحت فين ، ليكون بابا تعبان .
تجهمت تعابيره متحيرًا في خروجها المفاجئ بتلك الطريقة الغامضة ، توجه زين للعوامة وصعد عليها ، تقدم من الباب وولج للداخل ناظرًا حوله بتمعن ، لفت نظره تلك المزهرية المحطمة ، سار نحوها زائغًا فيما حدث في غيابه ، تطلع علي محتويات العوامة من الداخل وجدها كما هي ، أزدادت حيرته واضطر لمهاتفه والده ، فربما ذهبت اليه وحدث ما لم يعلمه ، اخرج هاتفه ليتصل به ، ولكنه تفاجئ بعدد كبير من المكالمات الصادرة منها ، توجس زين من الموقف وفطن حدوث مكروه ما ، هم بالإتصال بها اولاً ، ولكنه تفاجئ بأنه مغلق مما أجج قلقه عليها ، لذلك هم بمهاتفة والده سريعًا لسؤاله عليها .
أتاه صوته فتحدث زين بلهفة قلقة :
- بابا ...........نور عندك؟ .
رد فاضل باستغراب :
۔ لا يا ابني مجتش هنا ، انت متعرفش هي فين ؟.
رد زين بحيرة :
۔ لا يا بابا ، هي اتصلت بيا كتير ، بس مخدتش بالي من التليفون ، وانا كان عندي أجتماع مهم قوي ومخدتش بالي .
هتف فاضل بضيق :
- يعني ايه متتصلش بمراتك وتطمن عليها وهي لوحدها ، ازاي متكلمهاش وانت في شغلك .
زين مبررًا :
- يا بابا انا علي طول بكلمها ، بس النهارده كنت مشغول ، وقالت ان هي اللي هتعمل الأكل ، علشان كده مفكرتش اتكلم .
قال فاضل بانفعال :
- دور علي مراتك ، اتصل بأختك يمكن تكون عندها ، ولا هتقف تستناها راحت فين .
رد زين بانصياع ونبره قلقه :
- حاضر يا بابا ، انا هتصل بيها تاني ، يمكن تفتحه وترد عليا.
قال فاضل بجدية :
۔ اتصل بأختك ، مافيش حد تاني ممكن تفكر تروح عنده .
تنهد زين بضيق وأنهی إتصاله معه ، وكلحت تقاسيمه وهو يدور حوله محاولاً استنباط ما حدث ، خاصةً تلك المزهرية المحطمة وأتصالاتها المتكررة له ..
هدج زين للخارج وجد الحارس أمامه ، أشار له بيده بأن يأتي ، فتقدم الحارس منه منتظرًا اوامره ، سأله زين بتعابير متجهمة :
- كان شكلها عامل إزاي لما خرجت؟ .
الحارس بتذكر وهو يسرد ما رآه :
- انا يا سعاده البيه كنت قاعد ..لقيتها فتحت الباب وكان شكلها زي ما يكون خايفة ، او زعلانه ، انا مش عارف .
سأل زين باهتمام : فيه حد جه هنا ؟
رد الحارس بنفي : لا يا بيه ، محدش جه خالص .
قال زين بتفهم :
۔ طيب ، خليك انت هنا وراقب المكان كويس ، ولو وصلت تكلمني ، فاهمني كويس .
رد الحارس بطاعة:
۔امرك يا سعادة البيه .

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Where stories live. Discover now