الفصل التاسع والعشرون

34.2K 843 35
                                    

الفصــل التاسـع والعشـرون
فريســـة للمــاضــي
ــــــــــــــــــــــــــــــ

افاق من نومه وهو يفرك رأسه شاعرًا بتقاعس شديد ، اعتدل زين في نومته وهو يحاول الإفاقة ، نظر بجانبه ولم يجدها ، تنهد وظن انها بالمرحاض ، ابتسم عفويًا وهو يتذكر ما حدث بينهم بالأمس ، تنهد زين بحرارة واغمض عينيه وهو يفكر في لهفتها عليه وتمنيها له وفطن حينها بقاءها معه وعدم تركها له ، فهذا ما ادركه نتيجة ما حدث بينهم ، فربما تلغي فكرتها في شكها الدائم فيه ، نهض من علي الفراش وقام بلف خصره بالمنشفة ، وضع يده علي رأسه ليُرجع شعره للخلف ، ارتدي زين ملابسه المنزلية وقرر المكوث اليوم برفقتها ، انتهي وانتظرها حتي تخرج ، مر وقت عليها ولم تنتهي بعد ، تنهد زين بنفاذ صبر وتوجه كي يطرق عليها الباب ، طرقة بهدوء وهو يتسمع علي صوتها بالداخل تلقائيًا ، لم يجد ردًا منها وأضطر لفتحه وتفاجىء بخلوه ، عبست تقاسيمه وهو يصر اسنانه لتركها له مرة أخري ، اوصد الباب بعنف وتوجه للخارج وهو يلعن غباءها العنيد ، هتف زين وهو يزفر بقوة منزعجًا :
- كدة يا نور ، وانا اللي فاكر كل حاجة انتهت وعقلتي .
ثم نظر حوله وهو منفعل باحثًا عن هاتفه فلابد له من التحدث معها ، وجده موضوع علي المرآه فهرع تجاهه ، التقطه زين وهو يزفر بقوة ليهاتفها لتخبره عما تنتويه معه وماذا بشأن ما حدث في علاقتهم ، وضعه زين علي أذنه منتظرًا إجابتها عليه وهو ينظر امامه بانفاس عالية نتيجة انفعاله وتأرجح أفكاره من عنادها الدائم ......
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عادت نور من جامعتها بعد انتهاءها من محاضرتها الوحيدة ، وضعت حقيبتها علي المقعد في زاوية غرفتها بجناحها داخل الفندق ، ثم ارتمت علي الفراش ناظرة لسقف الغرفة بشرود ويعلو تعابيرها ابتسامة واسعة جعلتها تضحك من قلبها فرحًا وهي تتذكر ما حدث بينهما ، فرغم كونه زوجها إلا إن ذاك الشعور جعل السعادة تنْبَثَق منها ، جفلت عيناها بنظرات حالمة وهي تنتفض فرحًا من الداخل ، ضغطت علي نفسها في تركه مرة أخري مُكملة ما بدأته لتري ردة فعله رغم تأكدها التام من حبه لها ، تنهدت نور بحبور شديد وهي تعتدل جالسة علي طرف الفراش ومازالت تبتسم وعيناها تلمع بشدة ، انتبهت لهاتفها الذي يصدح في حقيبة يدها ، تسارعت دقات قلبها فارشدها قلبها أنه هو ، ابتلعت ريقها وهي تسحب حقيبة يدها لتخرجه منها وهي تضغط علي شفتيها متوترة من سماع صوته والحديث معه الآن ، نظرت له نور ورأته المتصل ، تنفست بهدوء قبل ان تجيب بصوت جاهدت ان تجعله هاديء :
- أيوة يا زين .
ابتسم بتهكم ورد وهو يصر أسنانه كاتمًا انفعالاته :
- افهم من كدة ايه بقي ، مشيتي ليه يانور ؟ ، قصدك ايه من كل ده ، ومش هنخلص بقي من تفكيرك اللي ملوش لازمة ده .
ردت بمراوغة وهي تصنع ردًا معقول :
- زين انا كان عندي محاضرة مهمة ومحبتش افوتها .
زين وهو يتنهد بضيق ، رد بتجهم :
- ومجتيش ليه لما خلصتيها ، ممكن بقي اعرف بتفكري في ايه.
وقفت لتسير في الغرفة لاوية شفتيها بابتسامة ماكرة ، ثم تنهدت وهي ترد بنفاذ صبر زائف :
- يوووه يا زين ، انت عاوز ايه ، انا كنت هنا ومش معاك ، انت بقي فهمت من اللي حصل اني هرجع انت حر .
زين باستغراب :
- يعني ايه يا نور الكلام ده ، استكمل وهو يهتف بضيق :
- انا مش هسمح تبعدي اكتر من كدة ، انا سيبتك كتير قوي تعملي اللي انتي عوزاه ، بس لحد كدة انا مش هقدر اتحكم في عصبيتي ، وانتي دايمًا بتستفزيني .
تأففت نور في نفسها وعبست تقاسيمها وتوجست من فعله لشىء ما لا ترضاه ، هتفت نور بترجي مُخادع :
- سيبني لوحدي يا زين ، انا لما احب آجي هتلاقيني لوحدي جيالك ، بس سبني براحتي .
رد بابتسامة ساخرة :
- ولحد امتي يا نور ، انا تعبت من كل دا وشايف انه مالوش لازمة ، تابع وهو يتسائل بحيرة :
- أوعي يا نور تكوني لسه بتشكي فيا ، انا بحبك وعمري ما هعملها لأنك انتي وبس اللي في قلبي وحياتي كلها .
اتسعت ابتسامتها ضاغطة علي شفتيها بقوة لتهدأ انفاسها ، ثم ردت بتوتر :
- وانت كمان حبيبي وعمري ما هحب غيرك طول ما انا عايشة ، لازم تتأكد من كدة .
رد بابتسامة فرحة :
- اومال ليه كل ده ، ليه يا حبيبتي بتبعدي عني ، كل مرة تبقي معايا كويسة وقريبة مني وبعدين تسيبيني ، نور يا حبيبتي احنا حلوين وعايشين كويس ، بس انتي اللي معقدها .
اغمضت عينيها للحظة وردت موضحة وهي تتنهد بقوة :
- سيبني لوحدي يا زين شوية ، انا حاسة لو بعدت وبقيت لوحدي هبقي كويسة ، وهمنع أي حاجة تأثر علي تفكيري بعد كدة ، بس سيبني براحتي ومتخفش عليا ، انا كويسة وهبقي معاك في الشركة ، وهتشوفني علي طول .
صمت زين وهو يتنهد بحزن مما جعلها تشعر به ، فاستكملت بنبرة لعوب متعمدة الدلال :
- لحقت اوحشك يعني ، قد كدة مبتقدرش علي بُعْدي عنك .
ابتسم زين محركًا رأسه بمعني لا فائدة منها ، هتف بمكر :
- وحشتيني قوي وعلي طول ، وارجعي بقي احسن ما أجيلك انا واجيبك معايا ..
ردت سريعًا وهي ترفض بشدة :
- قولت سيبني لوحدي يا زين ، انا لسه مخدتش قراري .
رد بسخرية :
- قرار ايه اللي هتخديه ، انا جوزك ولازم تبقي معايا دلوقتي.
تأففت بشدة وردت وهي مازالت علي وتيرتها الرافضة :
- انت مش قولت هتسيبني براحتي ، ايه بقي اللي غيرك .
زين وهو يبتسم بتهكم :
- واللي حصل بينا ، انتي انبارح كنتي معايا وما فيش زعل بينا ، وكل حاجة برضاكي وكنتي مبسوطة معايا ، فيه ايه بقي جننتيني .
هتفت نور بحدة زائفة :
- زي ما قولتلك كدة ، انا مش هرجع غير بمزاجي .
تنهد زين بعمق مدركًا لعنادها وعقلها الصغير الذي جعله يتعب معها وبالإضافة لدلالها الزائد ، اغمض عينيه فهذه الطفلة التي كانت صغيرة اضحت تستحوذ فكره قلبه هو بكامله وبات هو الذي يركض ليتمني رضاها عليه ، ابتسم ساخرًا من نفسه فهي من تسلبه عقله ، تنفس بهدوء ورد بنفاذ صبر وهو يحرك رأسه:
- خلاص يا نور ، انا هستني اما تجيلي ، ووقتها هتلاقي زين حبيبك واللي عمره ما هيحب غيرك انتي ولا هيفكر انه يبعد عنك في يوم ، ومش هيقولك لأ ابدًا .
شعرت بوصولها لمرادها ، وردت متمنية بابتسامة حزينة :
- يا ريت يا زين ، نفسي قوي في كدة......
____________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Donde viven las historias. Descúbrelo ahora