الفصل التاسع عشر

35.7K 899 27
                                    

الفصـل التاسع عشر
فريسـة للماضـي
ــــــــــــــــــ

أستلقت علي الفراش ناظرة للأعلي بشرود تام ، وابتسمت متذكرة ما حدث بينهم وتمنيه لقربها منه ، تنهدت ساره بحرارة كبيرة مستشعرة ذلك الحب الذي تسلل لأعماق قلبها رغمًا عنها ، هدأت من أنفاسها المضطربة نتيجة تراقص دقات قلبها الفرحة التي الهبت حواسها كليًا ، ثم مر أمامها طيفها كلحظات خاطفة أشعرتها بالريبة من وجودها معها في مكان واحد ، فهي 'نور' التي تخشي عدم نسيانه لها ، بل وبالتأكيد ليس الحب ليُنسي بتلك السهولة ، تغيرت تعابيرها للاقتطاب عندما عاود بذاكرتها ما كان يفعله من أجلها ، ثم أخرجت أنين منزعج وزفرت بقوة ، وسيطر عليها فكرة ربما إحتياجه لمن يبقي معه جعله يلجأ إليها ، زمت شفتيها بضيق وأخرجها من جموحها والدتها التي ولجت عليها الغرفة وتحدق فيها بتعجب وعدم فهم سويًا ، ولكنها بحسها الامومي فطنت ما بها ، وباشرت بالإقتراب منها وهي مازالت ترمقها كليًا متحيرة في أمرها ..
أنتبهت لها ساره وادارت رأسها بهدوء حزين علي قسمات وجهها الصغير والطفولي ، دنت فاطمة منها وبدون مقدمات ملست علي شعرها وقالت بنبرة هادئة :
- احكيلي يا سارة مالك ، انا ماما وتهمني مصلحتك يا حبيبتي .
عبست سارة وهي ترد عليها لتوحي لها مدي خوفها مما يشغل تفكيرها :
- انا بحبه يا ماما ، وهو قالي انه مش عايزني ابعد عنه .
ضمت فاطمه شفتيها مبدية تفهمها لما تفوهت به ، وبرجاحة عقلها وتفهمها للحياة ردت بتعقل شديد في نبرة صوتها لتحسها علي الإنصات جيدًا :
- الحب مش وحش يا بنتي ، بس يكون في حدود ، يعني مينفعش البنت والولد يقعدوا يحبوا في بعض ويقربوا من بعض بأي شكل ، لأن أولاً دا حرام .
اعتدلت سارة معلنة الاهتمام بما تقوله ، فاستكملت فاطمة حديثها المتعقل :
- وهو لو بيحبك بجد هيطلب إيدك قدام الكل ، انما لو عايز يقرب وخلاص دا مش بيحب يا بنتي ، دا بيتسلي ، ومالك ولد طايش وصغير لسه ، استطردت بتهكم :
- وازاي يقولك خليكي جمبي ، دا كان انبارح بيحب نور ، واكيد لسه بيحبها لحد دلوقتي و....
ساره وهي تقاطعها بنبرة ذات معني موضحة لها :
- لا يا ماما ، مالك علشان كان قاعد لوحده عايز اي حد يكون معاه ، وهو علشان كدة كان بيقرب من نور ، انا فهمت من كلامه معايا انه كان مضايق ان الكل سابه ، حتي طنط ثريا الله يرحمها ، قالي انه زعلان منها علشان سابته ، بس هو ندمان انها ماتت وهو كان وحش معاها .
انصتت فاطمة لها وردت بجدية ممزوجة بقله حيلتها :
- انا مش عارفه اقولك ايه ، بس اوعي تخليه يا ساره يقرب منك بأي شكل ، انتي شوفتي بعينك كان عاوز ايه من نور ومهموش حد ، وهو لو عايزك بجد هيجي يطلب ايدك مننا ، حتي لو هتتجوزوا بعد ما تخلصوا دراستكم .
هتفت سارة بفرحة جلية وهي تمسك يدها :
- يعني لو مالك أتقدملي هتوافقي يا ماما .
فاطمة بتحذيز قبل ان تبدي قرارها :
- بس أوعديني انك متعمليش غلط معاه .
ساره مؤكدة بحماس :
- اوعدك يا ماما ، انا متربية ومش ممكن اعمل حاجة وحشة .
فاطمه وهي ترمقها بعدم اقتناع :
- اما أشوف يا سارة........
_________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Where stories live. Discover now