الفصل الخامس والعشرون

31.4K 890 54
                                    

الفصـل الخامس والعشرون
فريســة للمـاضـــي
ــــــــــــــــــــ

دلف من المرحاض بعدما أغتسل لاففًا خصره بالمنشفة وواضعًا الأخري حول عنقه ، تطلع عليها وجدها ما زالت عابسة ومنزعجة مما حدث بينهم ليلة أمس ، وضع زين كلتا يديه علي خصره مستنكرًا ضيقها مما حدث وظل يتأملها بحيرة ، ظلت نور علي الفراش منكمشة في نفسها ولاففة تلك الملائة عليها باحكام وعلامات العبوس بادية علي تعابيرها ، أقترب زين منها وهو ينظر إليها بحيرة ، هتف باستنكار وهو يجلس بجانبها :
- هتفضلي كدة علي طول ، معقول زعلانة علشان كنا مع بعض ، أيه ..مكنتيش عوزاني .
انتظر زين ردها وهو يحدق في وجهها ، دنا منها واضعًا يده علي جبهتها وكاد ان يكمل حديثه ولكنها نفضت يده من عليها بعنف وادارت رأسها نحوه وهتف بعصبية :
- متحطش أيدك دي عليا .
دُهش زين من ردة فعلها الغير متوقعة والتي فاجئته بها ، فاعتدل قائلاً بغضب :
- قصدك ايه يا نور ، انتي ناسية اني جوزك ، واللي عملته ده حقي ، تابع بخبث :
- اللي يشوفك كدة يقول انك مكنتيش مبسوطة معايا ، اظلم عينيه واستأنف بمكر :
- ومبعتنيش ليه بقي لما أنتي مش عوزاني كدة ، سيبتيني ليه وممنعتنيش اقربلك .
اعتدلت هي الأخري وهي تلف الملائة عليها وهتف بضيق وهي مغتاظة مما تفوه به :
- انت ازاي تعمل معايا كدة ، هو دا بس اللي انت عايزة مني ، هو دا اللي بيخليك تخوني لما كنت بعيدة عنك .
فغر زين فاهه في صدمة وهتف بعدم تصديق :
- ايه الكلام اللي بتقوليه دا يا نور ، كل اللي قولتيه دا مش صح ، انتي مراتي وبحبك ، وكنتي بعيدة عني ووحشتيني ، افتكر اللي حصل بينا عادي ، انتي ليه مكبره الموضوع ، استأنف بتردد وقلبه يؤلمه مما سيتفوه به :
- انتي مبقتيش بتحبيني ، وخلاص مش عوزاني أقربلك .
اشاحت بوجهها بعيدًا عنه ولم تجب عليه ، ولم يبعد زين نظراته المدهوشة من عليها ، اغمض عينيه قليلاً وعاود النظر إليها قائلاً بقلة حيلة :
- زي ما انتي عاوزة يا نور ، لو انتي عوزاني ابعد خالص هبعد ، ولو عايزة نتطـ......
قاطعته بقوة لتفهمها ما يريده :
- لا مش عاوزة ، سيبني براحتي وخلاص .
اومأ رأسه بتفهم والتفت متجهًا لخزانة ملابسه ليرتدي ملابسه وسط نظراتها المسلطة عليه ، لم ترغب نور في انقلاب الأمور بينهم سوا انها تريد أعطاءه درسًا حتي لا ينساق فيما كان يفعله في الماضي معها ، وسيطرت علي قلبها المتألم اللذي يري لمحة الحزن في عينية ، انهي زين ارتداء ملابسه ودلف للخارج دون مطالعتها بنظرة واحدة ، شعرت نور بالحزن وسيطرت علي البكاء اللذي ستبدأ فيه ، قالت نور بحزن :
- سامحني يا زين ، غصب عني ، انا مش ضعيفة ، انا عايزة تبقي ليا علي طول ، ومتشوفش غيري مهما بعدت عنك....
______________________

وقف منتصبًا يراقب جميع السيارات المارة بأعين كالصقر مدققًا النظر في جميع الأشخاص بداخلهم ، زفر معتز بقوة خوفًا من هروبهم وقد فات الأوان في القبض عليهم ، تقدم كرم منه ووقف بجانبه غير راضيًا بالمرة علي هيئته المنزعجة لهذا الحد ، حيث تشدق كرم لائمًا إياه :
- مش كدة يا معتز أهدي ، حاول تتماسك كدة وان شاء الله هيتمسكوا .
معتر بامتعاض ونظرات غاضبة :
- انا خايف يكون خلاص هربوا برة البلد ، وقتها انا مش عارف هقول ايه لمراتي ولا حتي اهلها ، ساعتها هيقولوا اني مش قد المسؤلية ومهمل .
كرم بتفهم وهو يضع كف يده علي كتفه :
- انا فاهم يا معتز انت حاسس بأيه ، وهما هيقدروا مجهودك ، انت برضو مكنتش ساكت وبتبحث ورا الموضوع .
معتز متنهدًا بضيق ، هتف بتمني :
- مش هرتاح غير لما أقبض عليهم ...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بنفس الكمين الواقف فيه معتز ، كانت سيارة أجرة "تاكسي" مصطفة خلف بعض السيارات لحين دورها في التفتيش ، وبالطبع كان بداخلها كل من هايدي وسامي الذي تملك الرعب قلوبهم ما ان رأوا ذلك الكمين اللذي يتفحص جميع المارين بدقة متناهية ، توجس سامي من الأمر بأكمله خيفةً من كشف أمرهم وبالتأكيد القبض عليهم ، نكزته هايدي بكوع يدها وهمست برهبة جلية :
- انا خايفة يا سامي ، دول بيفتشوا كل حاجة ، حتي شنط إيديهم .
نظر لها ومسح علي كفها قائلاً بهدوء زائف لطمأنتها :
- ان شاء الله هنعدي ، احنا مش معانا ممنوعات ، استطرد بمعني :
- أحنا نتصرف عادي ، وهما أكيد مش هيشكوا فينا ، وورقنا معانا ومش هيقدروا يكتشفوا انه مزور ، انا ياما عملت ورق ومشي حاله وكان كله طبيعي .
همست له بتمني وهي ترتجف من الخوف :
- يا رب تعدي الليلة دي علي خير ، انا مش هطمن غير لما نعدي من الكمين ده .
بدأت السيارات الواحدة تلو الأخري في التقدم للأمام لخضوعها للتفتيش الدقيق ،وعندما تقل عدد السيارات أمامهم تزداد تلقائيًا الرهبة بداخلهم ، ظلت هايدي تفرك كلتا يديها متوجسة مما سيحدث بعد قليل ، نظر لها سامي وربت علي فخذها مهونًا عليها كي تهدأ ، وأقتربت السيارة وحاول كلاهما الثبات ، سلط معتز أنظاره عليها وهي تتحرك لتقف امامه ، ثم دنا من السيارة وحدث السائق بنبرة خشنة قوية :
- هات رخصك .
كان السائق قد جهزها مُسبقًا في يده حيث أعطاها له علي الفور ، بدأ معتز في تفحصها بعناية ، لوي شفتيه للجانب قليلاً ، ورفع بصره تجاههم وشرع في التحرك صوبهم ، دنا معتز منهم وانحني قليلاً بجسده وهو يتأملهم ، هتف معتز آمرًا إياهم :
- بطايقكم.
ابتسم له سامي بتوتر وبدأ في اخراج بعض الأوراق الخاصة بهم والمزيفة ، وهم باعطاءه إياها بأيد مرتعشة ، سحبها معتز من يده بقوة وتطلع عليها بتفحص دقيق ، بعدما طالع الاوراق نظر لهم بطرف عينيه بنظرات غامضة البكتهم وجعلت هايدي تنتفض رعبًا حتي بدا ظاهرًا علي وجهها الذي تغير لونه للإصفرار، رفع معتز حاجبيه وهو يحدق فيهم بنظرات ماكرة ، وعن سامي فقد طالعه بنظرات مهزوزة ، بينما سأله معتز بحدة :
- أسمك أيه ؟ ..
رد سامي عليه متلعثمًا :
- مو...موجود ..عندك .يا سعادة البيه .
هتف معتز بانفعال وهو يصرخ فيه :
- قولت اسمك ايه ؟ .
ارتجف سامي وبدا عليه الزعز ورد بخوف :
- ر..ر..رأفت يا سعادة البيه .
زم معتز شفتيه ولم يبين ما سينتويه ، بل وجه بصره للجالسة بجانبه وسألها وهو يرمقها باستهجان :
- وانتي ، أسمك أيه ؟..
ابتلعت ريقها من حلقها الذي جف وردت بأعين مجفلة :
- نادين .
اماء معتز رأسه ثم ابتسم ساخرًا وهتف بتهكم :
- طب أنزلولي بقي .
وقف كرم يتابع ما يحدث وحدثه من خلفه مستفهمًا :
- فيه ايه يا معتز ، هما مالهم كدة ؟.
ادار معتز رأسه نحوه ، ورد باقتضاب وهي يثني ثغره بابتسامة ساخرة :
- هما .
تقدم كرم في خطواته وهتف وهو يحدق فيهم :
- انت متأكد يا معتز .
معتز بنظرات حانقة :
- ايوه متأكد ، تابع صارخًا وهو يحدثهم :
- يلا يا أخويا انت وهي ، فاكرين هتضحكوا عليا انا ، استأنف وهو يوضح سبب اكتشافه لشخصهم :
- فكراني مش هعرفك ، انا اول حاجة عملتها اني جبت صورك من المستشفي ، ثم وجه بصره اليه وتابع بسخط :
- وانت ، الست رودي كانت متوصيه بالصور معاك يا بأف .
لم يعد في اعصابهم قوة لتحملهم المزيد ، شعرت هايدي بدوار عنيف مدركة عودتها كما السابق لحياتها الضائعة ، لا بالتأكيد ستكون أسوأ فهي الآن قاتلة ، اولها عمدًا والأخري مشتركة معه فيها ، ترجل الإثنان خلف بعضهم للذهاب لنهايتهم التي رسموها بشرهم الدائم ، قاموا أفراد الأمن بوصد أيديهم بتلك القيود الحديدية ودفعوهم بقوة داخل إحدي سيارات الشرطة ، راقبهم معتز مبتسمًا بانتصار وتنهد بحبور لانتهاء تلك المسألة كما يريد ، هتف بانتشاء ونظرات واثقة :
- مش معتز اللي حد يضحك علي مراته وميجبش حقها...
___________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  Where stories live. Discover now