الفصل الرابع والعشرون

31.7K 850 47
                                    

الفصــل الرابع والعشرون
فريســـة للماضـــي
ـــــــــــــــــــــــــــ

سعدت هايدي حينما اعطاها الأوراق الزائفة الخاصة بهروبهم من البلد ككل ، تفرست الأوراق وجوزات السفر وهي تدندن فرحًا بخروجهم اليوم ليلاً وانتهاء ذلك الكابوس للأبد تاركه ماضيها خلفها ، اتسعت ابتسامة المُمدد علي السرير وهو يري فرحتها بفضل ما يفعله ويلقي رضاها منه ، جلست هايدي بجانبه وهتفت بدلال وهي تمرر يدها علي صدره بلمسات مغرية :
- يعني النهاردة هنكون في سويسرا .
امسك الأخير يدها وقربها من فمه مُقبلاً إياها بلهفة ورد بمكر :
- النهاردة يا روحي هنكون انا وانتي بعيد عن المشاكل كلها ، وهنعيش اللي باقي من عمرنا سوا ومع بعض علي طول .
رمقته هايدي بابتسامة لعوب ، هتفت بمغزي :
- وهنشتغل ايه ، هو احنا نعرف حاجة هناك .
رد غامزاً :
- هو احنا عندنا غيرو يا حلو انت ، الشغل بتاعنا ، بس هنبتدي علي قدنا لحد ما نوصل للكبار .
هايدي لاوية شفتيها بتنهيدة :
- ولو اتقفشنا يلبسوها لينا ، زي ما اصحابك عملوا معاك كدة ، اول ما البضاعة اتمسكت ، خلعوا هما .
سامي بضيق حينما تذكر غدرهم به :
- متفكرنيش ، دول ناس *** معندهمش ذمه ، بس ملحوقة .
هايدي بنبرة جدية :
- طيب قوم يلا نجهز نفسنا علشان نلحق ومحدش يشوفنا .
سامي بموافقة وهو ينهض :
- عندك حق ، يلا نجهز حاجتنا.........
_________________________

ولجت السكرتيرة مكتبه بعدما طرقت الباب ، وكانت حاملة لبعض الأوراق التي تستدعي توثيقه عليها ، اقتربت منه بتردد وبعض الخوف بداخلها ، قدمت له الاوراق ويداها ترتعش قليلاً ، تناولها زين وبدأ في الإطلاع عليها ، ثم شرع في وضع إمضاؤه الخاص ، تجمدت يداه وهو ممسك بالقلم حين رأي توقيعها هي الأخري مطبوع اسفل الأوراق ، تتطلع علي الاوراق جميعها ووجد إمضاءها عليها ، ازدردت السكرتيرة ريقها وهي تري ملامحه التي بدت منزعجة امامها ، رفع زين بصره نحوها وهتف بجمود عكس نظراته الشرسة :
- ايه ده ؟ .
ردت عليه بتوتر شديد وهي ترتعد من الداخل :
- اصل المدام ..قالت اي ورق .عاوز يتمضي يعدي عليها علشان تشوفه هي الأول .
زين بانفعال شديد :
- وازاي تعملي كدة من غير اذني ؟ .
ردت بزعر متأسفة :
- بعتذر يا فندم ، انا افتكرت حضرتك عندك علم بكدة ، تابعت مبررة :
- وطبعاً دي المدام ومقدرتش أقولها لأ ، وكمان خفت لانها كانت بتأمورني وقولت وقتها ان حضرتك عندك علم .
اشار بيده وهتف في وجهها بعصبية :
- روحي شوفي شغلك ، ومخصوم منك شهر بحاله ، علشان تبقي تتصرفي من غير اذن مني بعد كدة .
عبست ملامحها وردت بطاعة رغماً عنها :
- تحت امرك يا فندم .
دلفت للخارج وهي تهمهم في نفسها وتلعن نفسها علي عدم اخباره ، بينما راقب زين خروجها وهو يشتعل داخلياً من الغضب ، وادرك انها تلاعبه ولكنه توعد في نفسه وهو ينهض عازماً علي الذهاب اليها :
- اما نشوف كلام مين اللي هيمشي هنا .......
______________________

بعثت له الخادمة برسالة مقتضبة تعلمه بضرورة حضوره ، خشي معتز أصابة زوجته بعلة ما كونها متهمة امام الجميع ، وتوجس من الأمر لحملها في شهورها الأولي ، ولج الغرفة عليها وجدها مستلقية علي السرير ، اغزا في السير متجهاً إليها وهو يهتف بلهفة عليها :
- ايه يا حبيبتي ، الخدامة قالت آجي ضروري ، انتي تعبانة ، فيكي حاجة ....
قاطعته سلمي واضعة يدها علي فمه ، وردت بتعجب :
- اهدي يا حبيبي ، انا قدامك كويسة أهو ! .
معتز متسائلاً بعدم فهم وهو يمرر بصره عليها :
- اومال ايه تعالي بسرعة دي لما انتي كويسة أهو ؟.
تباطئت في الرد عليه وراقب هو حركات شفتيها وظل يهز في رأسه كلما نطق فاهها كلمة وهي تهتف :
- اصلي ..انا ...هجيب ...معتز...صغير ..
معتز فرحا ًبعدم تصديق وهو يحد النظر علي بطنها ، قال وهو يشير بيده عليها :
- يعني هنا في ولد .
اومأت رأسها وهي مبتسمة بخجل ، أكدت سلمي :
- عرفت النهاردة وانا بكشف ، اول ما قالتلي مصدقتش نفسي من الفرحة ، وقولت لازم افرحك معايا .
هتف بفرحة بائنة :
- دا احسن خبر سمعته ، يعني انا هيبقي عندي ولد .
قالت سلمي وهي تنظر اليه بحزن زائف :
- يعني لو كانت بنت كنت مش هتبقي فرحان .
رد بتأنيب :
- اخص عليكي ،يعني لما ولدتي نور انا كنت زعلان ، دا انا كنت اسعد واحد في الدنيا ، استطرد بمغازلة :
-كفاية انك أمهم .
سلمي بخجل زائف :
- ربنا ما يحرمني منك يا ابو معتز .
معتز نافيًا :
- لا ! ، معتز ايه  ، انا هسميه ريان ، انا من زمان بحب الاسم دا قوي ، وكان نفسي لما اجيب ولد اسميه ريان .
سلمي محركة رأسها بتفهم :
- خلاص يا حبيبي ، نسمي ريان ان شاء الله .
قطع حديثهم رنين هاتفه ، فأجاب علي الفور وهو يخرجه من قميصه الأبيض :
- ايوه يا كرم .
كرم:........
معتز بمعني : حاجة مهمة يعني .
كرم:........
معتز بتفهم : خلاص انا جاي دلوقتي .
انهي اتصال هاتفه ، ونظر اليها قائلاً بأسف :
- سامحيني يا حبيبتي ، مضطر اسيبك ، طلبني في الشغل ضروري .
سلمي بنبرة تشجيع :
- روحي يا حبيبي شوف شغلك ، احنا هنا كويسين .
معتز بابتسامة هادئة :
- طيب يا حبيبتي ، خلي بالك من نفسك ومن نور، تابع وهو ينظر لبطنها بخبث :
- ومن ريان .
سلمي بضحك : حاضر.......
__________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن