الفصل الثامن والعشرون (الجزء الثاني)

29.1K 845 15
                                    

الفصل الثامن والعشرون (الجزء الثاني ).
فريســـة للمـاضــي
ــــــــــــــــــــــــ

في فيلا فاضل......
حضر زين بصحبة نور بعدما مر عليها لتأتي معه حتي لا يظن والده ان هناك خطب ما بينهم ، ولج الإثنان للداخل وكانت نور تتأبط ذراعه ملتصقة به مما جعل زين يتمني اقترابه الآن منها ، فكم اشتاق لرائحتها التي تُذهب عقله وتمني ان ينعم بالحب معها ، شعر بافتقاد حياته منه نتيجة بُعْدها عنه ، تنهد زين بعمق وهو يقترب بها منهم وجاهد علي رسم ابتسامة علي طلعته وهو يتطلع عليهم ، نهضت سلمي حين رأتهم ، هتفت سلمي وهي تفتح ذراعيها مُرحبة بهم بابتسامة واسعة :
- وحشتوني قوي .
ضحك زين واحتضنها باشتياق جم وهو يردد :
- انتي اللي وحشتيني قوي ، عاملة ايه سلمي .
ابتعدت لتنظر إليه وردت بمغزي وهي ترمقه بمكر :
- كنت دايمًا تقولي يا حبيبتي ، ولا بقي حبيبتك واحدة بس .
قهقه زين عاليًا متفهمًا مقصدها ، ولكن نور تدخلت بتذمر زائف:
- انتي بتغِيري مني ولا أيه .
ضحكت سلمي ودنت منها وضمتها بحب كبير ، هتفت بمعني :
- وحشتيني قوي يا نور ، كفاية اني سميت بنتي علي اسمك ، ودا علشان بحبك قوي .
نور بابتسامة ناعمة :
- وأنا كمان يا سلمي بحبك ، ووحشتني القاعدة معاكي .
وزع فاضل انظاره عليهم وقال متنهدًا بارتياح :
- انا مش مصدق ، ولادي التلاتة قدامي دلوقتي ، استأنف زاممًا شفتيه بمعني :
- قد ايه الحياة صعبة ، بتخلينا نبعد ونتوه فيها في حياتنا .
مريم وهي تمسح علي ظهره بلطف :
- سنة الحياة يا بابا ، واحنا كلنا جمبك وقت ما تفكر بس تشوفنا هتلاقينا متجمعين كدة .
جلس زين ونور بجانبه ، ابتسم لهم فاضل فرحًا من الداخل لرؤية ابنه الوحيد مع ابنة اخيه سويًا وينعمون بحياة أسرية طبيعية ، تنهد براحة لإطمئنانه التام عليهم وتمني من قلبه ان يأتي وريث لعائلته من صلب ولده .
جلست نور بجانب زوجها مُدركة نظرات سارة لها ، فقد تحاشت هي النظر نحوها خاصةً بعد ما حدث في مُقابلتهم الأخيرة ، فما فعلته جعلها تقسو في نظراتها وجعل قلبها يتحجر فهي كانت بمثابة الأخت لا الصديقة ودائمًا ما تحمل اسرارها التي كانت تأتمنها عليها ، وعن سارة فقد جلست مُتمنية مُسامحة نور لها
وتستدير لتنظر لها نظرة واحدة لتعبر لها عن أسفها ، فقد بات حبها له مسيطرًا عليها وجعلها كالعمياء في تصرفاتها نحو رفيقة عمرها ، تنهدت سارة بهدوء منتظرة الفرصة المناسبة لتستسمحها لما قالته لها في لحظة جعلتها غير مستوعبة ما تفعله ، وسخرت في نفسها عندما تذكرت مقولة "الحب اعمي" وادركت انها ليست من فراغ لتقال فحقًا قد اعماها وجعلها تتناسي ما حولها ، وعن فاطمة تقبلت وجود مالك وذلك لمراقبتها الدائمة له جعلتها تطمئن حيال امره ، حيث تغير عن ذي قبل من تصرفاته التي بدت مقبولة وبدأ يتعايش مع ذلك الجو بحب متناسي ما حدث في السابق ، كما تناسي الجميع هذا الأمر وبدت حياتهم مرتبطة كثيرًا عن كل المرات ، كما لم تجد فاطمة مانعًا في حديثه مع ابنتها بأريحية ، وأخذت الموضوع بسلاسة خاصة ًبعدما فاتح خاله بشأن ارتباطه بابنتها ، كانت جلستهم تدور حول حياتهم الأسرية والعملية وكل مجموعة بدأت تتناقش سويًا ، فقد خلق ذلك جو عائلي جعل الجميع يتسامرون واضحت الفيلا تعج باصواتهم الضاحكة والصادحة لتملأ ارجاء الفيلا مما جعل فاضل طائرًا من شدة سعادته لرؤيتهم حوله في جو افتقده من فترة ..........
_________________________
بعد مرور أيام قلائل....
في احدي المستشفيات الخاصة بالنساء والتوليد ، جلس ماجد برفقة هانا التي تبدو كالشاحبة كالتي سيقتلع قطعة منها بعد قليل ، لم تبدي ردة فعل حيث ظلت جامدة كالذي يسري بداخلها ماء بارد جعلها تمقط حياتها ونبت الكره بداخلها ليحل محل الحب التي كانت تكنه له ، شردت عيناها تريد التخلص من نفسها هي الأخري فهي لن تعود عاهرته كما يريدها ، فهي ليست اكثر من مجرد عاهرة ماجنة تعيش معه في ظل الحرام ، لن تعود لتلك حياة بعد الآن ، اخذت قرارها بإنهاء حياتها هي الأخري ولم تعد تري امامها سوف ظلام لحياة قادمة .
استرق ماجد النظرات نحوها يستنبط بعقله ما تفكر فيه ، فشل ماجد في ذلك لجمود ملامحها ، قطب بين حاجبيه وهو يسألها :
- ايه يا هانا ، من وقت ماخرجنا وانتي مش معايا خالص .
ابتسمت في نفسها بسخرية فهي بعد الآن لن تبقي معه وللأبد ، تنهدت بهدوء لا تريد النظر لوجهه الذي لم يشفق عليها ولا مرة واحدة ، بينما عاود ماجد سؤاله وهو يجوب ببصره عليها :
- ساكته ليه يا هانا ، اوعي تكوني زعلانة من اللي هيحصل دلوقتي ، تابع موضحًا :
- انا بس مبحبش اكون مسؤل عن حد ، يعني مش عايز حاجة في الدنيا دي تبقي نقطة ضعف ليا قدام حد ، عايز ابقي لوحدي علشان اتحكم في مشاعري ، يا ريت تكوني فهمتي قصدي .
تنهدت مرة أخري بهدوء تستمع لحديثه بعدم اكتراث ، فقط كانت تجفل فيما سيحدث لها بعد قليل نتيجة رغبته الهوجاء في ذلك ، ارتجف جسدها ما أن سمعت الممرضة تهتف باسمها منادية بصوت ارعبها كالتي ذاهبة بقدمها لتلقي حدفها :
- مدام هانا ، يلا الدكتورة مستنياكي .
تسارعت انفاسها وبكت عيناها وهي تنهض بتقاعس تجاه تلك الممرضة ، لم تنظر هانا اليه وتجاهلت وجوده فهو سبب ما هي عليه الآن ، تتبعها ماجد بتعجب من حالتها التي اضحت منعدمة كما يراها ، اقنع نفسه بأن ذلك الصواب ، وما هي سوا أيام بسيطة وتتناسي ما حدث وتعود كما السابق لحياتها معه .
زفر بقوة وهو ينتظر انتهاء تلك المسألة علي خير ، وجه بصره عفويًا للجانب ولمحهم بصوتهم المألوف له وحدق فيهم بابتسامة حزينة حينما بدأوا في الإقتراب منه ......
__________________________
ذهبت سلمي لتقضي يومين عند والداي زوجها ، سعد ممدوح من رؤية حفيدته وغمرها بقبلات عديدة تعبيرًا علي اشتياقه لها ، كما حملتها فايزة بين احضانها بحنان ، هتفت فايزة بنبرة سعيدة ودموعها مُهددة بالنزول دليل فرحتها :
- مُعتز ابني بقي عنده بنت ، وبكرة هيبقي عنده ولد ، وكمان امير هيبقي أب ، انا حاسة اني بحلم خلاص .
ربتت سلمي علي ظهرها وهتفت بابتسامة محببة :
- ربنا يطولنا في عمرك يا ماما وانتي اللي تربيهم .
ابتسمت لها فايزة بود ، وبدأو في الحديث عن احوالهم ، وجاء السؤال عن مُعتز ولا إراديًا رن هاتف والده وكان هو ، فهو دائمًا ما يحضر إذا جاءت سيرته في الحديث ، ضحك ممدوح وتشدق :
- ابن حلال ، كنا لسة دلوقتي بنجيب في سيرتك ، اصل مراتك هنا وقاعدة معانا شوية .
توترت سلمي من ذكر اسمه لأنها اشتاقت لرؤيته وعنفت نفسها لإبتعادها عنه بإرادتها ، دق قلبها بقوة عندما ناولها حماها الهاتف وهو يقول :
- معتز عايز يكلمك يا سلمي .
ابتسمت بفرحة واخذت الهاتف ونهضت مُبتعدة ليتسني لها الحديث باريحية معه ، مما جعل فايزة وممدوح يضحكان عليها ، لم تبالي سلمي بهيئتها المُتلهفة ، حيث حدثته بحب جارف :
- مُعتز حبيبي وحشتيني قوي .
هتف مُعتز بلوم حزين :
- ما أنتي اللي سيبتيني ، دلوقتي وحشتك .
سلمي بحزن بائن :
- اعمل ايه يا معتز ، انا تعبت صدقني ، مبقتش بعرف اعرف افكر ، حاسة ان كل يوم بحالة شكل ، تابعت بحب :
- تعالي يا معتز هنا ، انتي وحشتني قوي ، مكنتش اعرف ان بُعْدك عني هيعمل فيا كل ده .
اغمض معتز عينيه ذائبًا في كلماتها وابتسم في نفسه ، ولكنه لم يبين ذلك ورسم الجمود قائلاً :
- خلاص يا سلمي انتي اللي اخترتي ، انا مقولتلكيش تبعدي عني ، تابع بضيق حقيقي :
- وكمان انتي عارفة ظروف جوزك ، فمتضغطيش عليا بحاجة فوق طاقتي ومش هقدر اعملها .
تفهمت مقصدة وردت بندم بائن :
- اسفة يا حبيبي ، انا بس بحب اشتغل ، تفكيري عماني اني اشوف قدامي ، سامحني .
رق قلبه لحديثها ، ولكنه هتف بجدية زائفة :
- خلاص يا سلمي ، المهم خلي بالك من نفسك ونور الصغيرة ، وكمان ابننا اللي هيجي .
ردت بلهفة :
- مش هتيجي يا معتز ، انتي وحشتني قوي .
رد عليها بتحجز زائف :
- عندي شغل يا سلمي ، مع السلامة .
اغلق هاتفه دون سماع ردها ، ومسح بكفيه وجهه ليهدأ من حدة تمنيه لها ، والزم نفسه بأعلامها عن مدي تصرفها الأهوج في حقه وتبدي ندمها عليه ، بينما بدأت سلمي في بكاء صامت شاعرة بغباءها في تركها له وندمت علي ذلك وهي تعنف نفسها بقسوة ببعض الكلمات .....
_________________________

((فَرِيسَة للمَاضِي)) ؛؛مكتملة؛؛ الجزء الثاني صغِيرة ولَكِن  حيث تعيش القصص. اكتشف الآن