مسرحيةُ الدُمى

20.4K 1.2K 543
                                    

.

طرق الإستيقاظ عيناه صباحا ولم يتلبـك في الإستقامةِ عن سريره متوجها ناحية الباب الأماميه. بحفاوة قدميه يخطي كقطٍ هارب الى حيث مكانه، ليتلقى التوليّـب المعتاد عليها كل صباح .



أمال لحاجبيه ليميل رأسه ويسمع أصوات الصرير التي خرجت مِن الباب ما إن قام بفتحه، زهرة أخرى بغلافٍ أحمرٍ آخر، الخط بحاله منصوص على الورقة الفضية -هاأنا ذا أرفع أبجديتي مستسلما أمامك يا فتى عذب كحلاوة الروح .


مخطئ ! من يظن إن زهور الربيع تفتحت في بستان القرية، على العكس، بوجنتي الفتى الذي شعر بالحياة ثانيةً بعد ثانية ليذوب داخلها بلا قلق، بدأ ينزرع داخله ، العيد أتى يحمل معه توليبًـا أحمرا .


قلب نفسه على نار التفكير ولازال يشهق رائحة الزِهور، أو رائحة المُرسل العالقة في غلاف الزَهره ! وقف وسط لجة البيت وهو يفكر فِي المرسل الذي-يوقظ نفسه كل يومٍ على تمام الساعه الرابعه ليقطف التوليّـب ويغلفها ويكتب فوق ورقتها كلاما معسولا لهذا الحد، لأجله . أراح رِئتيه ليجعلها تتنفس بسلاسه، أعاد إذاً فتى التوليّـب !؟ تسلل لمسمعه صوت جيمين الذي يستند على أطراف الحائط المرتكز قرب الدرج العلوي، ليرمز بأعلى إبتسامة يمكن لفم الإنسان أن يرتسِمها .



مشى بخطواتهِ واضعا الزهره في زجاجةِ ماء كعادته -يومان وثالثها سيحملها بعيدا لتموت بين ذراعيه مصلوبة أسفل الحائط الذيّ يغطي سريره ، ويتمعن الهلاك في تأملها بهذهِ المقربة . يدجج فجوات فراغ يومهِ ببتلاته، ويرصن أفكاره بجوهرة الإيمان التقي المحتاط بِفتى التوليّـب .

-"جيمين ، متى علينا أن نترك القرية ؟". أسدل الستار عن المسرحية الفكرية اللتي كانت تنصنع في عقله -أو بالأخص مسرحية الدمى التِي كان أبطالها فتى الريف والتوليّـب .

يتماسكون بخيوطِ الأرويّة النديّة ، ويتماشيون مع اللحّن الذي ينصاغ لأحداثِه ، يستنشقون رائِحة الفَجرِ الأخيّر ، ويتمايلون تَحّت أهدابّ القَمر -فِي ذلك الُبستان ، كِلا جَسديّهم .

-"غدًا رُبما ، لَم اسأل العَمّة مِيسيّل بعد ، ولكِن لمَ ؟". وجهًا لِوجهً أغلق على إعجوبته البديعيّه فِي إختلاق البدعه والأمسيّـة لِلقاء المُستَسلِم !

يضيع بين ينابيع الفِكر ، والكلمات التِي تفك قيودها لِتتحررّ ناحية الأكبر ، -"أجل ، غداً لكِن جيميّن أنا لا أود الذَهاب !". أصاغَها ورَمى بِكتلةِ جسده على حريرةِ الأريكه ، لتتحول كافَة كلماتهِ التِي إبتدأها -بأودِ رؤيّة هذا الفَتى قبل المَغيب عَن القرية .


-"تَعلّم بأنهُ لا يمكنك البقاء !". مرونة إلقاءهِ للكلمات الجارِحه أمام مسامع الياقوتيّ يبدد محاولاته فِي شرح ما يريّد، تحولَ كلمات الفَتى الى فراغ كبير وظل يطالع على مشنقةِ الزهرة ويفكر -بمحاولات الساقِ لتحرير الأوراق المتصبغه مِن فوقهِ ، واضِح عليها إنها مقصوصه بتأثيّر خارجي .

توليّـب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن