حُلمٌ ذائب

4.8K 432 595
                                    

-
جلست أسمع له حروفه ، وطريقةُ نطقها . جلست أمسح على شعرهِ بخفة مثلما يمسحُ على مشاعري بحنان . "-من أين سأجلبُ لك عُصفُورًا زهريًا يا عُصفوري ، وكل أزهاري وألوان الحياة ؟." سألته ، أجعلهُ يلفُ عيناه الحُلوة ناحيتي .

"-لا أعلم ؟ أنتَ من جلبت طفلًا صغيرًا من طائر الأطفال ووضعته في معدتي ، لا تستطيع جلب عصفورٍ صغير لونه زهري ؟." سألني لأشد وجنتاي مُبتسمًا مُلتانًا مُحبًا لنقاءه .

"-سأجلبه لك لا تقلق ، وماذا أيضًا يا فتىً خُلق من جمال ؟." أهمس بكل حُبٍ قرب أذنه؛ أدنو لأرى إبتسامته ، وشقاء جماله . ألا يتعب؟ من هذهِ المثالية القصوى . فكل معاني الحروف تبخرت أمامه ، وكل قواميس الشعر والقصائد .

"-اممم ، حين أفكر في سيءٍ ما سأخبرك . لكن الأن ، أسعر بألمٍ في معدتي ، صدقني يا أسقري حتى تلك الـ"بيو بيو" لم تنفع لتجعله يذهب ." عبسَ أمامي - أخرج شفتيه الى الأمام ليخرج قلبي وعقلي ومشاعري جمعيها مع شفتيه . لأنه نقي؛ جميع أقوالهِ تشوبها النقاء . ولأنه حُلو؛ جميع أحاديثه حُلوة .

"-تعال معي ، أتود أن نسري في الحديقة ؟." طلبت إذنَه ، لم يُمانعني بلْ وقف بكل جمالية قريبًا مني وسرى موافقًا بكل حواسه . الإسطبل وزُرناه ، والبُستان وفعلنا ، ومصنع السيوف وذهبنا إليه ، ماذا أيضًا ؟ كان يتحدث قبالةً لوجهي ، ويرفع عينيه الى الحديقة ، والى الأزهار ، والى كل شيء في سيّرنا .

"-تعال معي أسقري ." فجاءةً شد يدي بقربه ، وسحبني . كان جميلًا بشكلٍ لا أنا ولا قلبي نستطيع تحمله . إنحنى على الأرض أمام الأزهار ونظر لي نظرةً بمعنى؛ إنحني معي . ولبيتُه وأن المُمتن لأفعاله .

-أُنظر؛ هذهِ زهرةُ الخِسخاس الرمّلي ، لا تنموا سوى في برطانيا ، وإنجلترا تحديدًا . وهذهِ؛ الرسادُ عريض الأوراق ، كذلك من زهور برطانيا . الجو الذي تعيس فيهِ يجب أن يكون باردًا .

يمسك أوراق الأزهار ، يأشرُ بها ليُريني أنواع الأزهار وكم كنتُ ذائبًا فيه . إعتزالًا أتأملُه ، وإنفرادًا يشرح لي . يمشي خفيفًا مرةً بين الزهور لئلا يكسرَ هشاشَته ، ومرةً لئلا يطير . جميع أفعالهِ ناعمة .

-هذهِ الصفصاف البري ، وهذهِ الكاردينا .
تحدث فقاطعتُه؛

-وهذهِ التوليّـب .
كنت أحمل سبابتي وأشيرُ اليه . يا لها من لحظةٍ جميلة وطقسٍ أجمل . كانت عينيه ترتجف بصدمة؛ وخداهُ بُستانا الزهور يتوردان . أذهلَ قلبي ، جعلني أنسى جميع الأشياء التي أذهلَتني في عُمري .

-أسقري رُومانسي .

مَليون قصيدةٍ تولدت في صدري إثر نظرته . تلك التي أشعرتني بالفخر ، يعرف كيف يُشرق أكثر من الشمس نفسِها ! في تلك الثانية كان الشُعاع يتوجه نوحه ، يبرزُ ملامحهُ لأشعر بأننا قسَمنا الشمس الى نصفين في تِلك اللحظة؛ النور له والنارُ في قلبي من الحُب .

توليّـب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن