يا جسدي الآخر

5.5K 424 346
                                    

-ياللعجب، فراشةٌ تأكل فراشة؟
شدّ الرجل يديهِ حول معصمي الصغير وسحبه حتى سرق قبلةً منه. من باطن شفتيهِ السُفلى، كان يقف بشكلٍ مُستقيم، بينما الصبيّ يحاول الوصول الى فمْه، يقف على أطراف أصابعه.

-لرُبما حدثّ، أتذكر حينما إحتسيت كوب الساي ذاك؟ وطلبتُك بأطفالٍ كثيري العدد أسقري ؟ لابُد من إن الفراسة طارت من موافقتّك الى معدتي، هكذا بلا أي أسابٍ أُخرى.

قبلته الزهرة مرةً ثانيه ، لكن من عنقهِ بالتحديد . يذوب، يتلاشى، يُصنع مرةً أخرى بيديه! أمسكه تايهيونق مجددًا من يديه، وسحبه حتى يخرجوا من الرواق الى الحديقة.

كان يحدّق بالسماء لبرهة، بينما يقف الرجل على مقربةٍ منه، يُحادث مارثا عن أمور الفلاحيّن، والجواري، والموارد القمحية، ويحادث هينري كذلك عن أمور الجيّش ودفاعات المملكة ، وغيّرها من الأمور.

-هينري ، خُذ سيفي الى باترك -صانعُ السيوف- وأخبره أن يقوم بإذابته وتصنيع الأجدد من فولاذٍ قوي. سيفي يكاد يصدأ، وغير حادٍ كذلك.

أمره ناهيًا عن أفعاله ليستجيب الوزير حاملًا سيّف الملك بكافة قدسية، يتجه بهِ الى باترك. أدار الرجل عنقّه ليلاحظ الفتى؛ وشروده في الأزهار، وأنواعها، وأشكالها كذلك. قبل أن يتحدث، كان الصبي قد ألقى بكلامهِ بطريقةٍ وديعة؛

-حين كنت في منزلنا، ذاك الذي في الريف. كنّا نحرص جيدًا على التأكد من إغلاق أقفاص الدجاج في المساء، لأنها حينما تقوم بالركض في الليل تدهس جميع أزهار الحقل. وبختّني عمتي ذات مرة؛ لأنّني نسيت الأقفاص مفتوحةً بعدما أخذت البيض منهم. أسقري؟ كانت زهرتي العزيزة التي زرعتُها لأول مرةٍ في الحديقة مكسيةٌ بدماء الدجاج :( تخيّل، بأن ذئبًا قاسيًا أتى الى دجاجاتي وقام بسحِقُهن بسكلٍ مُخيف. قام بنزع ريسهُن عن مكانه، وتناثر في كل مكان، هنا وهنا وهنا، وهناك. منذ ذلك اليوم لم أعُد أكل البيض أبدًا.. لكن حينما رأيت أزهار الحديقة الآن إستهيت بعض البيض المقلّي.

هيامه الذي يكاد يخرج من عيناه بدأ بالهرب، كان يبتسم بشدّة مقدرته على الإبتسام! إحتضن الصبي الى صدرهِ وهمس؛ "-مواضيعُك لطيفةً جدًا ، لا تصمُت عن الحديث أبدًا." قبلّه من جذور رأسهْ ، في مأوىً لا مكان إليه .

حين ودّ الحراك إستوعب الأمر ! إلتفت بكامل جذعهِ للصبي وتسائل؛ "-مهلًا.. يا مُلهمي ويا أُمنياتي ، هل قلت بأنك إشتهيت بعض البيض؟ ". كان على وشكِ الحياة، يشعر بقلبه ينبض كما لو كانت لأول مرة حينما أجاوب الصبي زارعًا على وجنتيهِ غيومًا زهرية

-أجل قُلت..أسقري لكن لست مجبرًا لجلبه لي ، أنا فقط سعرت بأنّني إستهيته فجأة.
تعذّر الفتى محاولًا شرح الموقف للرجل ، لا يعلم بأنه في أتم شعورهِ بالحياة .

توليّـب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن