٢. تُزهِـر رسـائلِـي بك فقط.

1.3K 97 47
                                    

هل هَذا البُنُّ الذي وَعدتُ ماتيـو بِجعله يتذوقه و أنا أكتُب رسائِلـي له؟ الرَّائحـةُ مألوفـةٌ نوعـاً ما إنَّهـا تَبدو كرائِحـةِ القَهوةِ التّي يجلبهـا مُعلمي معه بعدَ بداياتِ الفجر، و لكن ما عَلاقة مُعلمـي بهذا الشأن؟..

طَفِقتُ قُبَيل الشَّهدِ المُستَقِلَّ مَشاهِداً كنت أراهـا كالسَّراب، مُستنجداً كونـي أغرقُ و لكن أستَنشِقُ الهـواء، بُرهـةً حتى وجدتُ نفسـي بغتـةً قبالـةِ السَّـاعـةِ العملاقـةِ التي بدت مُماثِلَـةً لِخاصتـي بالغُرفـةِ

و لرُبما هي نَفسُهـا نظراً بأنَّ دقَّ أجراسهـا العُظمـى مُميزةٌ لدى حاسـةِ سمعي عن باقِ أصواتِ الساعـاتِ الأُخرى، باتت الرَّائحـةُ تقترب شيئـاً فشيئـاً، رائحـةٌ تُذهِبُ نُهـايَ حتى أخمَصِ قَدماي أَيْ كُلّـه جسدي و ما بِه.

أشتَمُ الحليبَ و ذَوبانِ السُّكرِ بجُزيئاتِـهِ و بسخونتهـا مع لونِ البُنِّ الحليبيّ المُمتزجِ بهـا، ليست قهوةً فحسب بل الخَمرُ سلب مُصطلحهـا ناتج أنَّ الذي يفوحُ منها قد سلبَ دواخلـي على عكسِ لونها الغير نبيذيّ و بل فاتحةٌ لا داكنِة،

التَفتتُ لمَصدرها لأتحَقق ما إن كانَت حاسّةُ شمّي لم تُخطئ الوَصفَ حتى رأيتُ هالة رجـلٍ من ورائِـه يجلس على كرسيٍّ فاخرٍ و طاولـةٍ بيضاوانِ اللّونِ و مع أطرافهمـا الزخارفُ الذّهبيـة، كانت كُلُّ تأمُلاتـي و لهفتـي العارمَـةُ حُطامَ البقايا من أيسري مُبتَغِيـاً لُقياهُ كنوعٍ ما من الفُضـول؟ أظن...

مَظهرهُ المُحتدِمُ من الخَلفِ و هو قاعِدٌ مع سترته السّوداءِ و شعرهِ الذي قد رُبِط من الخَلف و هو يرتَشِفُ من القهوةِ_ التي أصابت حاسةَ شمّي بما قد وَصَفْتُهـا _ بكُلِّ رقـةٍ و نُبـل و كأنَّ لا شيءَ يُحيطُ به عدا تمتّعهِ بمذاقهـا الحُلوِ و المُرِّ قليلاً بالآنِ ذاتِـه، بشفتيه _اللّتانِ لم أراهُمـا بعد_ يتلامسانِ مع ذلك الكوبِ الذّهبيَّ المُزَركَش.

رَسائِل غونزاليس|TKحيث تعيش القصص. اكتشف الآن