٩. و كثيراً ما أفَقتُ و أنت مُحاذٍ لي.

353 27 114
                                    

_عَودةٌ لِمُخيلة تايهيونغ_

ها أنا أعودُ لهذا العالمِ الذي يُنجيني عن الواقعِ البائِس نوعاً ما، و أجِدُ نفسي جالِساً أمامَ بركةٍ تَنعكِسُ عليها أهدابُ الشَّمسِ فتتلألأ لِتزيدها بهاءً فوق بهائِهـا، تُرى.. هل سيظهرُ ماتيو هذه المَرَّة؟ أخذتُ أتجولُ قليلاً حتى عثرتُ على بِرميلٍ مملوءٍ بالعَسل.. إنّني أستشعِرُ لَذته بِناظِراي قبل أن أتذوقه حتى، مالي لا أرى سِوى نفسي المُنعكِسةَ و الراكِدةِ على مرآةِ هذا الشَّهدِ المُصَفَّى؟، و مالي لا أرى حُضورَ الذي لا أسمَعُ بلسانه سوى"سيّد الموسيقى" و "سيّد الموسيقى" و أوّاهُ من هذا اللَّقبِ و يا عظمته الكُبرى حينما تخرجُ من عذوبةِ نبرته هُوَ. رحيقاً لا رهيقاً هذه المَرَّةِ و تسلُّل أصابعي نحو ذلك البِرميلِ لِأُجرب طعمَ العسلِ بغيرِ واقِعي مُتسائلاً ما إن كان طعمه نَفسه أم أنَّ ذهني حوّرهُ لطعمٍ آخرَ مُختلِف، ها أنا أُقرّب أصابعي التي غمرتُها بالعسلِ من فوهةِ فمي حتى شعرتُ بحفيفٍ من خلفي ليظهر أنَّه الذي توقعه فُؤادي بظهورِه، أجل هو ماتيو الذي أمسك بذراعي للتو بشدَّةٍ ليغيّر اتجاهها نحوه و بالتَّحديدِ نحو تلك التي طُبِعَت تحت شفتيه مُباشرةً لتتوسَّطَ ذقنه بعُلوها لتزيده حُسناً فوقَ حُسنه، أقصدُ شامته تلك بالطَّبع...

ها أنا أراهُ خِلسةً يزيحُ شفتيه المُطبقتين عن بعضِهما ببُطئٍ لِيُدخِل أصابعي التي سالَ منها ذلك الوَرْس، لِيُعاود إطباقَ شفتيه مُجدداً بينما أصابعي التحمت بحَنكه و لسانه اللذانِ سَرقا منّي فُرصةِ تذوّقِ هذا المَجّ الذي أجهلُ سرّه. أردتُ سحب ذراعي نظراً لأنَّ أصابعي قد طالَ بقاؤها مع هذا المَشهدِ الذي انتسبت له كلمةُ "مُثير" بسببِ ماتيو هذا، و لكن لم أستطِع لأنَّه يرصُّ على ذراعي بقوّةٍ حدَّ الألَم، و لم أعلم حينَها بأنَّه هو الذي يتوجّع حقاً لا أنا...

ماتيو..
نبستُ مُتأوِهاً بسببِ شعوري بعَضّته هذه المرَّةِ مع تغيُّرُ ملامحه و شحوبِها

ماتيو..هذا يَكفي...
أعدتُ القولَ مُجدداً قبل أن ألمَح الدِّماء تسيلُ من فمه هذه المَرَّةِ و ليته كان عسلاً و أخطأتُ النَّظرَ و لكن يالَ الأسفِ لقد كانَ دماً فعلاً، سقطَ أرضاً على ركبتيه بعد أن تَرك يدي و أخذ يسعلُ و الدِّماءُ تنتثِرُ بالأرجاء، تجمدتُ مكاني عندما رأيته بهذا الحال و مُضحكٌ بأن يتبعني البُؤسُ إلى هُنا، هل تبعني؟ هذا البؤسُ محتومٌ عليّ و لم أظُنّ بأنَّ العسل سيكونُ سُمًّا قاتِلاً يومـًا.. تمالكتُ نفسي و جثيتُ أرضاً على رُكبَتايَ لأُسانِد مُنقِذي و أمسَح على ظهره برفقٍ قلِقاً عليه...

أنت بحالَةٍ سيئة، إنه مُجرد عسلٍ فلماذا تنزِفُ دماً؟!
قلتُ مذعوراً

رَسائِل غونزاليس|TKWhere stories live. Discover now