-٢- سُوناتا "مثيرٌ للشفقة"

6.6K 568 877
                                    

Enjoy
***********

الماضي

وجهة نظر جيمين

يومٌ اعتيادي في حانة الموت المُفاجئ و الأحاديث ذاتها تطال أُذني

ألا يَمِلُ هذا الشعب من الحديث عن انتصاراتهم

كُنت اتساءل و حسب ، هل سيذكر التاريخ تضحياتنا و جرائمهم التي ارتكبت بحقنا ؟

و لكن من سيذكرها على مر العصور ، فشبابُنا الثائرين قد قُتلوا بينما جميع العالم صامتٌ يراقب

لستُ اتحدث باسم اليهود لا بل اتحدث باسم المظلومين اللذين يُكافحون لتحسين أوضاعهم

اتحدث باسم الديمُقراطية الحقيقة و ليست الشكلية

اللذين ماتوا و حناجرهم تصرخ باسم الحُرية ، هؤلاء من لن يتكلم عنهم أحد أبداً و سيبقون مجهولي الهوية و الانجازات الى الأبد

فأنا كُنتُ على شفير الموت مئات المرات و في كُل مرة كُنتُ احدث ذاتي و أسألها

هل سيتذكرني أحدٌ بعد موتي و هل سيتذكرون كيف كُنتُ أبيع زجاجات الحليب في شوارع بولندا حتى أُعيل عائلتي الفقيرة

هل سيذكرون أنني تخليت عن دراستي حتى لا أموت من الجوع و الفقر

أم هل سأصبح كأوراق الخريف تأخذني الرياح و أضيع بين باقي الموتى بلا اسمٍ أو عُنوان

و لكن ما فائدة العلم و الثقافة في حالتنا؟ لأنك يا سيدي الضابط قد أعدمت الآلاف من الكُتّاب و الأطباء و ذوي العلم

في زمن الحرب لن يسعك التفكير بالمستقبل ، فالمُستقبل لأمثالنا ليس بعد سنواتٍ عديدة بل بعد دقائق

في أي لحظة قد تأتي شظايا المُتفجرات على جسدك مُنهيةً حياتك

حياتك التي أمضيتها تنتظر لحظة موتك .

شيءٌ غريب و مِناخٌ مجهول كان يعصف في أرجاء الحانة و قد شعرت بأن هُنالك ما سيحصل

لم يخب ظني كثيراً و رفعت رأسي نحو مدخل الحانة لأرى رَجُلاً ببذلة عسكرية و نُجُومٍ على أكتافه و أوسمة شرف لا تُعد و لا تُحصى

كان ذو مَظهرٍ مُهيب ، بجسدٍ ممشوق و قوي جعل من نِساء الحانة تقعن في غرامه من النظرة الأولى و ربما الرجال أيضاً من يدري

مظهره كان مُختلفاً عن باقي الجنود اللذين أتوا برفقته

كان أبيضاً شاحباً و عيناه سوداء حادة و ملامحه ليست أوروبية البتة ، وجوده قد بث الرُعب في قلوب الموجودين

آنجِيلوس١٩٤٠ || YMWhere stories live. Discover now