-٢٩- السوناتا الأولى

4K 435 429
                                    


Enjoy

******************

الأول مِن دِيسمبر عام ١٩٤٣

جيمين

ثلوج ديسمبر تُعيد لي ذكريات  طفولتي و رائحة الحَطب الذي اعتدت على سرقته مع صديقي رافائيل من التُجار لأجل تَدفِئة عائلتي من برودة أشهر نهاية السنة

كُنت في السادسة عَشر من عُمري و قبل رَحيل رافائيل عن هذه الحياة تشاجرت معه حين كنا نسير في طريق العودة الى المنزل و على ظَهرنا نَحمل كومة من الحَطب

أخبرته بأنني أميل للسلامِ و بأن الكلمات و اللسان أقوى مِن مِئة سيفٍ حاد و أن إراقة الدِماء لا تَستهويني و هو أبدى اعتراضه على هذا الكلام

رافائيل كان واقعياً للغاية و يرى الأمر مِن منظور المُحاربين، لم تكن الحرب قد بدأت بعد لكن أوضاع بولندا كانت في الحضيض و هو تنبأ بحربٍ دامية

سألته حينها إن كان سيشارك بالنِزاع على الأرض الحامية إن حَصلت الحرب فِعلاً فأجابني بأنه سيكون في الصفوف الأولى من أجل الدِفاع عن وطنه و بأنه ضَحيةً و لا بُد من ذلك

أخبرته بأنني سأقف بجانبه في الحرب و أُشارك أيضاً بالدفاع عن الوطن لكنه رَفضَ رفضاً قاطِعاً و قال لي بأن على أحدِنا البقاء على قيد الحياة لأجل رؤية بولندا الجديدة و المُتحررة

و ها أنا يا صديقي أعمل على ذلك و أرغب بتلبية أُمنيتك الأخيرة و أيضاً أنا أرقت الدماء وتَخليت عن السلام ، كُنت مُحقاً فالحرب الشَرسة لا يُلائمها سِوى الرصاص و المَوتى

.

الأن أقف بِقرب صُندوق البَريد مُنتظراً وصول رِسالةٍ من جِنرالي الذي سافر بعيداً و اقتنع بالهروب مع جُهدٍ و عناءٍ كَبير

ثلاثة أسابيع قد انقضت و لازالت أخبارهُ مَعدومة و لا رِسالة منه تُشفي غَليلي و قَلقي الذي يُشتتني عن أعمالي مع آلفريد الذي بات يسأل عن ابنه و لا يَتلقى أي جواب

مُحتَجزٌ هو و الجنون قد بدأ يأكله شيئاً فشيء و لا أشعر بالأسف على حاله مِقدار ذَرة

" سيباستيان هل أرسلت برقيةً الى حَرس الحدود؟ "

تنهد و أومأ لي فهو يُشاركني انتظار أخبار الجنرال و كِلانا يشعر بالقلق

" أنا أتوقع وصول الجواب غَداً و أتمنى بأن يُزيح هذا الهم"

فَرنسا هي المكان الذي هَرب له الجنرال ، ليست أمنة تماماً لكنها تَبقى أفضل من البقاء في ألمانيا

آنجِيلوس١٩٤٠ || YMWhere stories live. Discover now