-٢٧- جُزئية الشِتاء

4.2K 460 546
                                    

جا الفرج

************

التاسع مِن اكتوبر عام ١٩٤٣

جيمين

القَدر يالها  من كلمةٍ تُثير السخرية ، إن القدر كَلِمةٌ تُرادف الحَرب بقسوتها و كَثرة عَقباتها

و القدر الذي كنت الاحقه لسنواتٍ طويلة آتى لي على أقدامه وحيداً و ضعيفاً

حالة آلفريد التي تَبدو مُتعبة جعلت مني أشعر بالقوة و لطالما تَخيلت اليوم الذي سألقاه به ، ظننت بأن الخوف منه سيتملكني بعد ما فعله بي و بعائلتي

لكن اتضح العَكس فأنا ما زِلتُ قادِراً على مواجهته تماماً مثل اللحظة التي دَفعته بها عن والدتي في تلك الليلة المَشئومة

الجِنرال يُراقب خطواتي عن كَثب و في الوقت الذي يكون فيه خارج المَنزل يقوم باحتجازي داخل غُرفتي و يُقفل الباب مانعاً أي حديثٍ أو احتكاك يحدث بيني و بين والده

انا في الثانية و العشرون من عمري و لم أعد ذلك الشاب المُندفع و المتهور بل بِتُ أكثر هدوءً و أكثر صَبراً و شوقاً لرؤية آلفريد يموت بعد عذابٍ أليم

الغَضب الهادئ و الدَفين الذي وَضعه الموسيقار فيفالدي  في جزئية الشتاء مِن مَعزوفته الفصول الأربعة تُشبهني للغاية

البرودة و الحرارة .. النار و الثلج ... الانصهار و التجمد ، جميعا كَلماتٍ مُتناقضة لكنها الأنسب لوصفي حالياً

فأنا الأن أقف بجانب سرير آلفريد و أراقب أنفاسه المُنتظمة و التي تَدل على نومه بِسلام

أنا أنظر له و لا أفعل شيئاً و في يدي سكينٌ رَغبت  بغرزها داخل قلبه مِئات المرات ، و لكن هل تُعادل المِئة مرة آلامي على مدى السنين ؟

وجهٌ لم تُغيره السنين و لم تُضاف على ملامحه المُتعجرفة سوى التجاعيد التي زادت مِن قُبحه قُبحاً

لِمَ يتنفس بهدوء؟ لِمَ لا يختنق حتى الموت

أضغط على يدي كاتماً قَهري و مُحاولاً مَنع نفسي عن وضع الوسادة على وجهه و خَنقه

كيف يُمكنني وصف ما أشعر به الأن بالكلمات المُجردة ؟ إن الحَقد الدفين لن ييقى دفيناً الى الأبد بل سيخرج يوماً ما

سوف يخرج على أسوء هَيئة و أثاره الجانبية لن تكون جيدة مُطلقاً

نحن النَفس البشرية التي من المُفترض بأنها نَفسٌ صالحة لكن الأمراض النَفسية مُتأصلة داخلنا و تَنتظر اللحظة المُناسبة لِلتحرر

آنجِيلوس١٩٤٠ || YMحيث تعيش القصص. اكتشف الآن