-٩- المَعزُوفة الثّانِية والعُشرون َ

4.8K 516 1K
                                    


Enjoy

***********
جيمين

مضت سنة كاملة على هروبي برفقة نامجون من معسكر الإبادة ، سنة و لكنني أشعر و كأنه دَهرٌ مُتعب و قاسي قد جارَ على شبابي مُنهياً إياه

لطالما اعتدت على كُره هذا اليوم مِن كُل عام ، على الرغم من جماليته إلا أنني لم أِحبه أيضاً و لم أتلقى أي هديةٍ فيه حتى

و الأن أنا أقف أمام المِرآة مُعدلاً ياقة قَميصي أبيض اللون الواسع الذي اختاره الجنرال لي خصيصاً ، ملابسٌ جعلت مني أبدو نبيلاً

أنا هُنا أنعم بالحياة و لا بُد بأن هُناك شُبانٌ قد فقدوا حياتهم بسبب الجنود الثملين اللذين يحتفلون بالسنة الجديد عبر القتل دون رَحمة

شعرت بالقرف من هذه الحال و تمنيت لو أنني أحرق هذا الحفل بأكمله لشدة حِقدي

مهما حاولت أنا ما زلت أشعر بالاختناق و عدم الانتماء فهذا الكَمُ الهائل مِن المَدعويين ذوي المناصب  يُصيبني بالغثيان و لكنني لستُ بقادرٍ على إظهار أي تعبيرٍ مُعادي لهم حِفاظاً على ما تبقى مِن حياتي

أسمع أصوات الأحاديث و تبقت فقط بِضعُ دقائق على بداية الأُمسية لذا حملت نفسي المهمومة و خرجت الى الحديقة الأمامية حيث التَجَمُع

الأنظار تُراقبني و تزيد من توتري و أنظاري أنا تبحث عن الجنرال فهو الوحيد الذي أعرفه ، انتابتني مشاعِرٌ كثيرة و شعرت و كأنني ضِمن غابة الذئاب وحيداً ، ربما خلاصي الوحيد من هذا الشعور هو وجود يونغي بجانبي على الرغم من أنه أحد هذه الذئاب

صعدت الى الخشبة المُرتفعة حيث تم وضع البيانو الذي اخترته عندما كُنتُ و الجنرال في ذلك المَتجر

أخذت نَفَساً عميقاً و أقنعت ذاتي بأنني عندما أبدأ بالعزف سيتحسن كُل شيء و سأغرق بأفكاري بعيداً عنهم

وضعت أناملي و أول ما خطر لي كانت المعزوفة الثانية و العشرون لشوبان و التي تُدعى أيضاً ' المُوسيقى الهادئة'

لا تُناسب هُدوئي بتاتاً و لكنها تُناسب هدوء انتقامي و حزني الداخلي

و اختناقي هذا ذكرني كثيراً في أيام بولندا حينما كُنت أمشي في الشارع و أشعر بأسلحتهم تتوجه نحو الطلاب مُستعدين لأي تمرد أو أي كلمة تضر بهم

رحيلي عن المنزل لم يكن رحيلاً عادياً ككلِ يوم بل كان دوماً أشبه بالوداع فقد لا أعود و في الحقيقة أنا مُتعجبٌ من نفسي كيف استطعت الصمود طويلاً دون أن يتمرد لساني كالمُعتاد

آنجِيلوس١٩٤٠ || YMWhere stories live. Discover now