بارت ١

51.3K 924 79
                                    

نفق الجحيم
البارت الاول 1

قاعده فمكانها المفضل علي كرسي فالبلكونه بتاعة بيتها واللي عتطل على شارع رئيسي كبير.. مايله بجزعها علي السور الحديد بتاع البلكونه وعتتفرج عالناس اللي رايحه وجايه.. وتشوف البياعين المتجولين وهما عينادوا علي بضايعهم المتنوعه.. وعينها رايحه وجايه مع العربيات اللي معتتقطعش ابداً من الشارع.. كل دا عتراقبه كل يوم من ساعة مااتنقلت للمكان دا وبتحس بنفس عدم الانتماء ونفس الغربه فوسط المجتمع اللي لغاية النهاردة متعودتش عليه ولا علي وجودها فيه.
مع أنها بقالها سنين طويله عايشه فيه،وعتحاول بكافة الطرق التاقلم والانصهار فيه
لكن للاسف كل محاولاتها كانت نتايجها الفشل.. لان روحها هي اللي رافضه التأقلم.. روحها اللي لساها هناك ساكنه في المكان اللي كبرت واترعرعت فيه.
غمضت عيونها واتبسمت براحه وحنين مع نسمة هوا هبت علي وشها، فكرتها بنسايم الهوا اللي كانت عتداعب روحها هناك.. لكن طبعاً مع اختلاف النقاء والروايح اللي حملاها النسايم.. واللي مختلفه كل الاختلاف.
بدأت تسافر بالذاكره وتجوب اودية الذكريات السحيقه وتطوي السنين طي. وتضرب بجناحات الحنين فضا المسافات البعيده.. وأخيراً وقفت علي حدود بلدها الحبيبه.. وشافت اشجار المانجه العاليه واشجار التين العتيقه،
وشافت روحها عتتنطط من شجره للتانيه كيف القرود وتقطف من طرحهم كل اللى تشتهيه عيونها وتطيب عليه نفسها. وتضحك من قلبها وتسرق لحظات سعادة معدوده رغم أنوف الجميع.

فضلت هناك لحد ماقلبها وعقلها وروحها استكانوا وحست براحة جميله عتسري جواها، كأنها راحت رحله تهدي فيها اعصابها..لكن اللحظات الجميله دايماً عمرها قصير.
فتحت عيونها ببطئ علي صوت نفير عربية متواصل كان صاحبها عيحث اللي قدامه انه يتحرك قوام ويفتحله الطريق، عاودت من رحلتها البعيده، ورجعت تتامل الشارع مره تانيه وتراقب الناس اللي كيف النمل رايحين جايين شايلين قوتهم ومونة بيوتهم من غير تعب ولا كلل وتسأل حالها:
ياتري كل واحد فيكم ايه نوع الهم اللي شايله فقلبه وماشي بيه واللي يشوفه من بعيد يقول عليه خالي.. ماهي من واقع خبرتها في الدنيا طول ال٥٣ سنه اللي عاشتهم فيها.. أن مفيش حد عايش علي وشها مش شايل هم ولا عنده مشاكل.. مع اختلاف النوع والحجم طبعاً، بس الاكيد.. أن الكل تعبان.
واثناء ماهي غرقانه بفكرها وتفكيرها في الناس قطع شرودها صوت عتعشقه وتعشق سماعه.. صوات قطرات المطر وهي عتنزل من السما.
بصت لفوق وضمت حواجبها بغرابه وهي واعيه السما اتلبدت فجأة بالغيوم.. كيف وميته متعرفش.. مع ان في بداية قعدتها كانت فيه شمس خفيفه في المكان وبدالها ان اليوم هيكون مشمس ودافي.. لكن سبحانه مغير الاحوال.

طلعت تليفونها من جيب البالطوا بتاعها وبصت فيه، وشهقت وهي شايفه الساعه بقت كام واكتشفت ان الوقت سرقها كالعادة وهي فقعدة تأملها اليوميه.

هبت من قعدتها واقفة وهي عتهمس لنفسها:
والله لو ماعاودوا ولقوا الوكل جاهز لهيخلوا يومك اسود من قرن الخروب ياحزينه.. وابقي لما يسألوكي معملتيش وكل ليه قوليلهم سرقني الوكت واني قاعده في السهرايه عشان متخلصيش من لسان اصغر قرد فيهم.
كانت عتهرول وهي عتهمس لروحها بالكلام دا، موقفتش غير فنص مطبخها قدام التلاجه.. ففتحتها وطلعت منها المكونات اللازمه للطبخه اللي هتطبخها، واكيد حرصت انها تكون وجبه سريعه عشان تلحق تخلصها قبل رجوع عيالها من مدارسهم، اللي عيرجعوا بوشهم عالوكل زي مايكونوا معاودين من حرب ضاريه خاضوها لطلب العلم.

نفق الجحيم Where stories live. Discover now