اقتباس ٢

5.2K 177 23
                                    

اقتباس رواية نفق الجحيم الجزء الثاني

ثلاثة قرابين من بشر قُدمو كي ينقذوا حياة واحده، ويرفعوا عار الثلاثه لم يكن لهم يد فيه.
ثلاث احلام بالسعادة أُجهضت قبل أن تكتمل ملامحها.
ثلاث فتايات فى عمر الورد قدموا اعمارهم قرباناً لكرامة ابيهم،
لكى يتثنى له العيش بطريقة طبيعيه وسط مجتمع لا يعرف الرحمه ولا الصفح.

❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈

خرجت ذات ليله معتمة قاصدة المُداوى لتأتي منه بالدواء لابيها، برغم المخاطر التى لم تخفى عليها ولكن حبها لأبيها كان اكبر من خوفها.
تسللت لخارج المنزل حاملة الكلوب لينير لها عتمة الليل، وسارت في طريقها مسرعة تسابق رياح الشتاء وتهرب من برده القارس الذي كاد يجمد اطرافها، متجاهلة اصوات الذئاب المنذرة بخطر قريب،ولكن مااخافها فى الحقيقه ليس صوت الذئاب انما الوحوش الصفراء العملاقه القابعه على طرف الطريق، فرجف قلبها حين اصبحت بجانبهم، وهرولت هرباً منهم بالرغم من أنهم كانو ساكنين وغاية في الهدوء، ولكن انيابهم كانت تشعرها بأنهم على اتم استعداد للفتك بها فى أي لحظه.

تنفست الصعداء وهي تبتعد عنهم، وتخطت السكه الحديديه للطرف الثاني من البلده، ووصلت وجهتها اخيراً، وانجزت مهمتها بعد انتظار طال ببيت المداوى بسبب ظرف طارئ.

قطعت طريق العودة مسرعة كما أتت مسرعة، ولكنها توقفت هذه المره أمام الوحوش الصفراء، وتحققت مخاوفها وحدث مالم يكن في الحسبان.

ألم، قهر، استباحه، تعذيب، صدمه، كل هذا شعرت به المسكينه وهي تواجه بمفردها ثلاث وحوش آدميه تحت جناح اليل وظلامه الدامس.
برد، وجع، قهر، خيبه، هم كل ماتبقى لديها بعدما سُلبت كل شيئ.
سلكت بعدها طريق الموت بخطوات ثابته مطيعة لأمر من يمشي امامها محني الضهر والاكتاف حاملا للهم مشبعاً جسده وروحه بالذل والهوان، عِمته البيضاء فوق رأسه مصبوغة من وحل الارض، يرفع اقدامه بعناء وينزلها بوجع، وكأن الاثقال مربوطة فى اعقابه ويجرها مرغماً.

توقف عن المشي عند نقطة معينه؛ حينها ادركت المسكينه أن النهاية ستكون هنا، في هذه البقعه، فتوقفت قدماها وهي ترجف من الخوف رجفة من بات يعلم أن أجله قد حان، وبرغم الخوف، حين أمرها بالتقدم اطاعت، كما أطاع اسماعيل ابوه ابراهيم،
وجلست في وسط قضبان القطر تنتظر الموت برحابة صدر، ورفرفت بأهدابها وتبسمت بإرتياح وهي ترى حبيبها ورفيقها ذات العين الواحده آت من بعيد، يصرخ ليخبرها أن تبتعد عن طريق الموت،
وصراخه جعل الرعب يدب في قلب الأب، وهو يرى ويشعر أن نهاية فرحته الاولى وبِكر قلبه قد أوشكت، ولا يفصلها عن الموت سوى دقائق معدوده،
فأسرع بإحتضانها ولكنه لم يحتضنها ليُعدل عن قراره بإنهاء حياتها؛ بل احتضنها ليموت معها فلابد من الموت ولا بديل له، وقرر انه لن يتركها تغادر وحيده، وكما كان أول من حملها حين أتت للدنيا، سيكون آخر من يحتضنها وهي مغادرة، ولكن كل هذا تبدل حين رأى برهان ربه الذي كتب لها وله حياة جديده.
❈-❈-❈❈-❈-❈❈-❈-❈

نفق الجحيم Where stories live. Discover now