الفصل التاسع عشر

260 27 25
                                    

الفصل التاسع عشر

ياسر بدموع بتنزل مش بتقف قال: اعمل اية يامرزوقة؟ انا مستعد لأي حاجة المهم ماما تكون كويسة؟!

مرزوقة بحماس وقوة، قربت من ودنه وهمست له هيعمل إيه ؟!
فضل يسمع وبرغم ان كلامها ده كان بيحرق قلبه، لكنه فضل سعادة امه على روحه، نزل مكتبه وقعد على كرسيه بتقل شديد على الخطوة اللي هيقبل عليها، بس للأسف مفيش مفر منها، لو هيقدم روحه ليها عشان تكون طوق نجاة مش هيتأخر ابدا، بصوابع مهزوزه طلب اكتر رقم بيكره ومش بيطيق صاحبه، بس ملقاش رد منه، حمسته مرزوقة بعنيها بترجي انه يجرب تاني، وفعلا رن عليه، كان في الوقت ده سليم مشغول في كشف، ولما خلصه بص على الرقم وكان مش هيرد، بس قلبه خاف يكون في حاجة لحبيبة عمره، رد عليه برسميه شديدة وقال: نعم، خير.
ياسر بلع ريقه ملقاش اي لعاب يطري حلقه، لمح كوباية ميه شرب القليل منها ورد بعد ما اتنحنح: سليم تعالى بسرعة الحق ماما منهارة.

وقف سليم اول ما سمع حروف اسمها ومقدرش يسيطر على دقات قلبه من سرعتها، فسأله: مالها شادية؟ انطق فيها إيه ؟
غمض ياسر عينة بألم وقاله بصوت ونبره مخنوقه بيقاوم انها تطلع بوضوح: مش عارف لاقتها واقعه على الأرض ومنهاره من العياط وبتقول حب عمري ضاع، انا اللي بترجاك دلوقتي انت تلحقها، انا مليش حد في الدنيا دي غيرها.
قاطعه سليم ورد بلهفه بعد ما فهم ان رسالته هي السبب: مسافة الطريق وهكون عندك.

قفل معها ياسر، ورن على صديقة مجدي، يطلب منه يجيب مأذون ويجيله حالا، استغرب مجدي، بس ياسر قاله: متتأخرش انت بس، ولما تيجي هفهمك على كل حاجة يا مجدي.
مجدي بقلة حيله رد: حاضر مسافة الطريق وهكون عندك.

مر حوالي اكتر من نص ساعة، كانت بالنسبه لياسر ساعات طويله، شريط ذكرياته كلها مر زي شريط السينما قصاد عينه، كأنه فيلم وبيتعاد قدامه، كل لحظة ضمته فيها وهو بيكي..كل فرحه شاركته فيها ..كل لحظة حزن مرت عليه لما كان بيجيب درجة مش حلوه وهي كانت بتشجعه وتقوله انها مش نهاية العالم.. عمرها ما زعلته في يوم.. عمرها ما قالتله كلمه تجرحه، كانت بتعامله يمكن افضل من امه الحقيقية لو كانت عايشه..
شادية كانت اول حضن حقيقي داق فيه الحنيه والدفى .. اول ايدين كانت بتدلع وتطبطب.. ايوة هي كل حاجة ليه من الدنيا.. وحبه ده نابع من حنانها وطيبة قلبها معاه، هو مش اناني زي ما بتتهمه مرزوقة؛ هو محب لأكتر انسانه علمته معنى الحب والأمان، وقصاد ده لازم يبديها هي على سعادته؛ لانها لما تكون سعيده أكيد هيفرح لسعادتها..

سليم بيسوق بسرعة جنونيه، ساب كل المرضى وكل حاجة وجري بلهفة وشوق عشان يلحقها، دموع شوقه وخوفه عليها عينه كانت بتسبقه، طول الطريق بيعاتب روحه انه السبب في اللي وصلت ليه ده، لكن قلبه معذور مقدرش يتحمل بعادها بعد ما لاقها والقدر جمعهم من تاني، حس بضعف وقهرة تملكته، وسؤال واحد بس بيردد في ودنه، هيعمل إيه لو جرالها حاجة؟ ازاي هيتحمل بعادها ويشوفها بتتعذب وهو متكتف الايدين ؟! مسح دموع القهر والعذاب، ودعى ربه في سره انه يجمعهم في حلال ربنا، وانه يلحقها قبل ما يفوت الأوان .
اول ما وصل جريت مرزوقة تفتح الباب، سأل بعينه عليها، ردت : فوق من ساعتها مش عايزة حد يدخلها.

العسقلة الماكرة Where stories live. Discover now