الفصل السابع والعشرون

247 27 36
                                    

الفصل السابع والعشرون

فضل عماد واقف متسمر ومتخشب زي الوتد  مكانه مبحلق على الباب اللي اتقفل بقوة صوته هز جدران قلبه وخلته يتنفض ويستوعب كل اللي حصل من ثواني، ارتسم الحزن على ملامحه وبكى قلبه على اللي وصله معاها، وحلم حياته اللي اتهد في لحظة بسبب تصرفات امه اللي متوقعاش ابدا، امه لاحظت دموعه اللي نازله، قامت مسكته من دراعه وهزته جامد وقالت بغضب
وزعيق: انت اتجننت يا عماد، بتعيط عشان ست؟ ست راحت الف يجي بعدها.

بصلها عماد وكان كلامها ده بمثابة الفتيل اللي شدته وانفجر فيها قال وهو في حالة انهيار: ارتحتي دلوقتي يا انهار، هديتي بيتي من قبل ما الحق ابنيه؟!
ايوة ببكي وهفضل ابكي عمري كله على حب حياتي اللي سابتني... شروق مش اي ست يا ماما؟!
شروق دي الشمس اللي بتشرق كل يوم حياتي، ومن غيرها هيحل الظلام لكل ايامي.. شروق دي اللي حلمت اتجوزها ومن هي لسه طفله بضفاير، وكبرت سنه ورا سنه قدامي، وحبي ليها بيكبر معاها، وجيتي انتي بكل قسوة هديتي كل ده.
قلب امه كان قاسي ومرقش لكلامه بالعكس استهانت بيه، لكنها ادعت التأثر وردت: خلاص يا نحنوح اجري وراها وروح عيش معاها وسيب امك لوحدها هنا، روح عيط لبنت سعاد يمكن ترضى عنك.

قعد عماد مهموم حزين وسند بأيدية راسه، وخبى وشة عشان متشفش دموعة، قربت منه انهار وزاحت كفه وكررت كلامها تاني وقالت: روحلها يا عماد.
عماد بقهرة رد: انا عارف شروق كويس عمرها ما هتسامح تاني بعد اللي حصل، خلاص كل اللي بينا اتنهى والبركة فيكي، سبيني في حالي بالله عليكي.

قام وسابها نزل تايه في طرقات الشوارع مش عارف يروح فين ولا يشكي لمين، فضل كتير ماشي مش حاسس بنفسه، ولا شايف هو ماشي فين ولا رجله ودته لحد فين، وطول الطريق ذكرياته مع شروق قدام عيونه، شقاوتها وهي صغيره، وضحكها ولعبها معاه دون عن كل اقاربها، حمايته ليها طول الوقت من اي حد يحاول بس يزعلها او يعاكسها.. اول مره دق قلبه واتأكد فيها انها ملكته وسكنته، احساس جميل عمره ما عاشة إلا معاها هي وبس، ومش هيقدر بعد العمر ده كله يجربه مع غيرها ..
افتكر مشاركته ليها في كل مراحل تعلمها، واد ايه كان مهتم بكل تفاصيل حياتها، دروسها كان بستناها لحد ما تخلص ويوصلها، اد ايه كان ملازمها زي ظلها؛ حب وخوف مش مراقبه، اول ايدين مسكتهم واتشعلقت فيهم كانت ايده هو، اول سر مهما يكون كانت بتحكيله هو قبل اي حد، ازاي هد كل الذكريات دي في لحظة طيش وغضب ومد ايده عليها وجرحها بالشكل ده؟ ليه كان ضعيف اوي كده قدام امه؟ ومعرفش ياخد قرار ويمنعها من الأول وقالها ميصحش تصرفك ده يا امي؟!
اااه لو ترجع عقارب الساعة كان صلح كل حاجة وسكن في حضن حب عمره ولا غابت عنه لحظة..
فاق من حالة التوهان على صوت عربيه بتزمر بصوت عالي، بص ورجع خطوة عينة بتشوف هو فين؟
واتفاجأ ان رجله ودته لبيت الحبايب ولحبيبة عمره، ماترددش لحظه انه يطلع ويحاول معاها مره تانية يمكن تقبل اعتذاره.
طلع يقدم رجل ويأخر رجل، كأنه داخل على نتيجة امتحان صعب متوقف عليه حياته، وللأسف معملش حساب لليوم ده وذاكر كويس، رن الجرس وفتحت خالته الباب واول عينيها ما جت عليه قالت بحده: إيه اللي جابك يا عماد؟ عايز تقول إيه تاني مقولتوش هناك وجاي تكمله؟!

العسقلة الماكرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن