25- خمسة وعشرون

56.7K 4.9K 804
                                    

Let's make it a happy 🌙

___________________________________

وقف في شرفة منزله في الرابعة فجرًا، يستند بيدٍ على السور الحديدي كونه ما زال لا يستطيع الإتكاء على قدمه اليمنى بعد، وباليد الأخرى قبع هاتفه، مفتوحًا على صفحة داليا الشخصية في موقع الفيسبوك، وبين شفتيه استقرت سيجارة، يدخنها ببطءٍ قاتل ويُخرج دخانها بملل، إصبع إبهامه يقلب إلى أعلى وإلى أسفل متفحصًا ما تنشره تلك الفتاة، ولم يكن هذا سهلًا؛ لأن داليا ليست من هواة مواقع التواصل الاجتماعي، ونادرًا ما تكتب شيء، وعندما تكتب فإنها لا تكتب شيئًا شخصيًا يمكن أن يخوله بأن يعرف أي شيءٍ عنها، هذه المرة الخامسة التي يدخل فيها إلى صفحتها ولا شيء جديد.

أغلق هاتفه ووضعه في جيب بنطاله ثم نفث دخان سيجارته للأعلى، رقمها لديه، صفحتها لديه، يشتاقها بشدة، وهي كالمغناطيس له .. لكنه لم يكن تائهًا هكذا من قبل.

لم تكن الأجمل، لم تكن الألطف، لكنه وبكل تأكيد أحس بكم أنهما يشبهان قطعتي الأحجية، يكمل أحدهما الآخر ويتناغمان سويًا ليخرجا بصورة كاملة، رغم اختلافهما الشديد.

فقد عقله وسحب هاتفه وكاد يتصل بها الآن لكنه توقف عند آخر لحظة وتراجع عن الأمر، هي لديها ما يكفيها، لا ينقصها إياه ليأتي ويدمر حياتها أكثر.

أعاد هاتفه إلى جيبه ونظر للأسفل وهو ما زال يفكر، ومع بزوغ الفجر كان قد اتخذ قراره النهائي بشأن داليا ... سيعتبرها الرفيقة التي لم يحصل عليها، الحب الضائع، من ستداعب مخيلته دومًا حتى وهو برفقة إمرأة سواها، الفتاة التي سيحكي لأطفاله عنها ويشعل نيران غيرة زوجته بها، والفتاة التي ربما ستزوره في أحلامه حتى يموت -كما باتت تفعل مؤخرًا-  ... هو حتمًا لا يعرف ما الذي ستمثله داليا له، لكنه يريدها وبكل قوة أن تمثل له شيء .. أي شيء ..

هناك إحساس غريب يداعب صدره عندما يكون بقربها أو يتذكرها، لم يشعر بذلك الشعور من قبل قط، لكنه أحبه كثيرًا وآنسه وكأنه الشيء الحقيقي الوحيد الذي قد شعر به، وربما هذا ما يجعله يُصر على أن تكون داليا بمثابة شيئًا ما له؛ لأن أيًا كان ما يشعر به الآن فهو ليس مزيف وهو لا يريد فقدانه ...

لكن داليا لا تستحق وغدًا مثله.

قاطعه دخول مراد لينضم له بصدرٍ عارٍ وبنطالٍ قطني أسود، وشعر أسود فوضوي، نظر لأخيه وطلب منه سيجارة فأعطاه أحمد سيجارة بهدوء وأشعل لنفسه واحدة أخرى

"ألمانيا غيرتك، علموك تقف عريان في البلكونة كده؟ افرض طنط أم غادة شافتك؟" مازحه أحمد محاولًا فتح حديث ليوقف عقله عن التفكير

قهقه مراد بخفة وهو يخفض يديه بالسيجارة ولم يجيب فعقد أحمد حاجبيه وتساءل "مالك؟"

تنهد الآخر وأخفض رأسه للأسفل فتساقطت خصلات شعره على جبهته وتمتم "فاكر إيناس اللي .." قاطعه أحمد "آه، مالها؟"

أربعة في واحدWhere stories live. Discover now