22

255 18 0
                                    

٢٢
شيار
الابيض يليق بك
___________

هل شعرتم يومًا بمدى وجع الفقد؟! وجع الفراق، والبكاء على ما فات، هل شعرتم أن العمر مر هكذا وكأنه ضاع  هباء؟!
الحياة في الفراق ليست وردية بل سوداء كحلاء ولا عزاء.

ـ هل كنت سيء معك لتلك الدرجة ياشيار لتخفي عني طفلنا؟! ألم يشفع لي عندك  أي شيء؟ من أين لك كل تلك القسوة؟
ـ مروان هذا انت؟
تقابلت العينان أخيرًا كُلٌ بعتاب ووجع خاص بل تقسم أن عيناه كانت كفيله بشق قلبها نصفين، اقتربت منه على الفور دموعها تسبق حديثها، شهقاتها دوت بالمكان، وهي تمسك بكف يده وهو فقط مستسلما لها، ينظر لها بألم يشبه ألمها وتهتف برجاء:
ـ انقذ طفلي يامروان، انقذ طفلنا، وبعدها افعل بي ما يحلو لك.
انتبه لما تقوله أخيرًا بعدما كان غارقًا بالحزن والحسرة:

ـ ماذا تقولين انتِ؟
ـ لقد اختطفته العمة زينب ورحلت به.
مروان بصدمه:
ـ زينب من؟ماذا تقولين؟! أين طفلنا يا شيار؟
ـ عمتك يا مروان، من انقذتنا من مازن ورحلت بنا.

جن تمامًا أبعد يديها عنه وهتف بصدمه:
ـ أي عمه يا شيار؟!  لقد ماتت عمتي منذ زمن
بجنون يشبه جنونه صرخت به:
ـ ماذا؟! ماذا تقول انت؟
ارتجفت كمن مسها مس من شيطان، انهارت كليًا وهو ليس بأفضل حال منها
أمامها وأمام دموعها يضعف كطفل صغير احتواها بين ذراعيه، يبكي بنحيب وهو يدفن وجهه بعنقها يسألها متوسلًا أن تنكر حديثها:
ـ أين طفلنا يا شيار؟ انت لا تعلمين كم ليله عشت اتخيل نفسي أحمل طفل منك على ذراعي ؟
كانت بعالم آخر، عالم من الانهيار، وتحطم الآمال، تبكي بهستيريا و تمسك بذراعه بقوه:
حملها وهو لا يعي أي الطرق يسلك كل شيء تعلمه من أجل أن يداويها من قبل نساه تمامً، وكيف يتذكره وهو قد نسي نفسه في سبيل البحث عنها.

وضعها على ذاك الفراش بالمشفى كالتائه يقودونه هنا وهنا. كان يصارع خيالاته التي ليس لها وجود وقف شاردًا تمامًا حتى حقنها ذاك الطبيب بالمهدي فغابت عالفور على أثره، صوت همسها اخترق أذنيه
ـ موسى بني، أين أنت؟

"احبك كلمه ود لو يصرخ بها ليل نهار لها، احبك كأمٍ فقدتُها بالطفولة، كصديقٍ تخلى عني وغدر، وكأب تسبب في كسري وتحطيمي، أحبك ككل شيء تحلو به الحياة، فقط لو تعودي لي"

انفض الجميع من حولهم، احترم رياض ضعف صديقه وجر الجميع للخارج جبرًا حتى ريا امرها بلطف بالخروج، فانصاعت له وهي تشعر بتأنيب الضمير، تشعر بأنها هي من افتعلت تلك المصيبة التي لا تعلم ما هي للان لكن بمساعدة شقيقتها هي من شاركت بالجرم العظيم.

احتواها شقيقها الذي انتهى للتو من جبيرة ساقه ورفض بإصرار البقاء .

بقي هو وهي غائبه عن الوعي مازال يحمل بيديه تلك الصورة التي تجمعها بطفله.
ينظر لهما كعالم ود دومًا أن يحيا به معهما يسأل نفسه كيف استطاعت، كيف أغمضت تلك العينين وهو ما استطاع غلقها لساعة كاملة يومًا منذ فراقها إلا وكانت هي بطلة أحلامه؟؟

شيارWhere stories live. Discover now