أتذكرين تلك الحديقة(40)

527 50 52
                                    

الفصل الأربعون

أتذكرين تلك الحديقة

لربما كانت هذه صدفةٌ لا أكثر ، مَن كان يتوقع أن أعود للحياة الحقيقية ، لقد عشتُ عمراً لا باس فيه عالقاً في الفراغ ، التنقل بين الأحلام كان جزءاً من حياتي ، والتدخل في واقع الأخرين ، أشاهد وكأنني جزءٌ من هذا الحلم ، مَن يراني في حلمه يُدركُ أنه في كابوس ، لكوني الشخص الوحيد أو الشي الوحيد الذي يتحرك من تلقاء نفسه

لا يوجد عقلٌ يتحكم في تصرفاتي وهذا يُثبتُ أنني لستُ إلا مقتحماً للأحلام ، شعرتُ في لحظة أنني قد مللت ، لم تعد هنالك أحلامٌ تناديني ، كانت أحلام الناس بسيطة ، واقعية إلى حدٍ ما ، كان عليّ الجلوس في أحلامي حيث أنني بدأتُ أنسى كيف هو العالم الخارجي ، نسيتُ أشكال الكثير من الناس ، حيث أنني عندما أتخيلهم أراهم جسداً بلا وجهٍ واضح

لِكون ذاكرتي أصبحت أضعف من قبل ، لم تكن تلك الصفعة على رأسي بسيطة لربما عليّ أن أكون ممتناً أنني لا زلتُ على قيد الحياة ، أيامٌ تمرُ دون أن أدرك ما هي السنة أو اليوم أو حتى الساعة ، تمنيتُ أن ألتقي بشخصٍ يتمتع بمثل قدرتي التي لا أعلم مِن أين حصلتُ عليها ، لكن لأكون دقيقاً الإنسان لم يترك شيئاً لم يبحث عنه في العالم الواقعي ، فالإنسان بطبعه يميلُ للفضول ، حتى إن فضوله أوصله لما هو بعيدٌ عن كوكب الأرض ، حتى بات لديه بعض الأفكار عن إمكانية العيش خارج هذا الكوكب ، فأنا أيضاً بطبيعتي الإنسانية فلم أستسلم لنوم كما لو كنتُ جثةً ميتة ، كان عليّ الخوض في أمورٍ أعمق مما أتصور ، فوجدتُ نفسي قادراً على إقتحام ما هو ليس لي ، في البداية كنتُ أعتدُ أنني لستُ مرئي إلى أن أدركتُ أنني إذا إقتربت من الذي يحلم

ينقطع حلمه فجأة لأجد نفسي عالقاً في مكان مظلم ، لذلك إخترتُ الإبتعاد والمشاهدة ، كان الإقتراب من الأخرين أبه بأنني شبحٌ أو ما شابه لم تكن لدي نواية سوى أنني أريد الحديث مع شخص ما ، الوحدة قتلت دماغي ، بكيتُ كثيراً ، إلى أن أدركتُ أنني فقدتُ فرصتي في التواصل مع العالم الحقيقي ، إلى أن وجدت سرينا ، كان أولُ حلمٍ لها مُثيراً جعلني أرى شيئاً مُختلفاً عن الواقع ، كانت أحلامها مُشوية إجرامية وكذلك بعيدة عن الواقع ، أحببت أن أقترب أكثر وعندما نطقتُ كلمتي الأولى ، كانت قد إستيقظت بالفعل

لم أستطع التوقف عن الضحك ، كنت كما لو أنني رأيت جريمةً حقيقية تحصل أمامي ، شعرتُ لوهلة أنني في العالم الحقيقي ، لذلك لم أتخلى عنها وعدتُ لرؤيتها مجدداً في حلمها التالي ، وواصلتُ الأمر لأنني شعرتُ بالفضول القاتل ، إلى أن وقفتُ لأول مرة في حياتي أمام إنسانٍ بعد مدة ، عانقتني كما لو أنني أدركتُ حقاً أنني إنسان ، أستشعرُ نبضات قلب إنسان وبكاء إنسان وأستطيع الكلام معها كما كنتُ أفعل في الحياة الواقعية ، ففي النهية أنا لم أكن شبحاً .

الهروب إلى الأحلام🖤Where stories live. Discover now