الفصل الثامن والعشرون

38.7K 1.4K 111
                                    


الفصل الثامن والعشرون :

(( ذِكرى تليها ذكرى ،
تهاجمني حتى في صحوي ..
ككابوسٍ مُزعج لا أفيق أبداً منه ،
وَ مُقتحماً بوقاحةٍ أعمق أحلامي ..
فأتلذذ فيهم برؤية طيفك ..))

طالع أمواج البحر المتلاطمة أمامه بنظرات حزينة وشاردة .. مرت عليه سنوات عمره وكأنها أدهر ..
أخذ نفساً عميقاً حبسه في صدره لعل هواء البحر البارد يطفيء نيران روحه المستعرة ..
زفره ببطء فبدى كأنه ينفث ألهبة حارقة من فمه ..


التفتت إيثار نحوه برأسها ، وحدقت فيه بنظرات متأملة بدقة لملامحه الحزينة ..

تلك التعابير التي لم تراها مسبقا بوضوح ..
وتساءلت بلهفة بين جنبات نفسها عما مر به ، هل كان مثلها يعاني ؟ هل أضناه قلبه وتعذب بلهيب الفراق ؟


تساؤلات صامتة أشعلت روحها تلهفاً لمعرفة ما حدث معه .. لكنها لم تجرؤ على السؤال ..

انتظرت أن يبدأ الحديث بنفسه ولم تتعجله ..
تنهد مجدداً بعمق مرير ، ثم استطرد حديثه قائلا بصوت رخيم بعد أن أغمض عيناه ليستسلم لذكرياته :
-
كنت في دنيا تانية عايش على أحزاني و..آآ..
......................................

قبل ثلاث سنوات ،،،


فتح مالك عينيه على أصوات التشجيعات والتصفيقات العالية بعد أن أنهى عزف تلك المقطوعة الشجية ..

ابتسم بود وهز رأســه بإيماءة خفيفة ...

تحركت عيناه على أوجه الحاضرين ، فوقعت كلتاهما عليها ، ورأها وهي تنظر له ببريق غريب ..

ابتسم مجاملاً .. واستدار بظهره ليعيد وضع آلة الكمان في مكانها ..
دنت منه وهي تنظر له بحماس ، ثم أثنت عليه برقة بلغتها التركية :
-
أنت تعزف ببراعة !

لم يفهم ما قالته ولكنه استشف من طريقتها أنها معجبة بعزفه .. فابتسم لها بتهذيب ، وحرك رأسه بإهتزازة خفيفة ..


تابعت هي قائلة باللغة الانجليزية :
-
أنت رائع !
أجابها بإبتسامة هادئة بنفس اللغة :
-
أشكرك

ثم تركها وانصرف .. فظلت أنظارها معلقة به .. هي رأته من قبل .. ولكنها لا تتذكر أين ..

لكن هناك شيء ما به يجذبها بشدة إليه .. شيء جعل قلبها يدق بقوة في حضوره ..

بدت مألوفة نوعاً ما ، هو واثق أنه التقى بها ، ذلك الوجه الملائكي ذو الأعين الزرقاء والخصلات الذهبية ..

✅ وَبَقِي مِنهَا حُطَام أُنثَى ©️ كاملةWo Geschichten leben. Entdecke jetzt