الفصل التاسع والعشرون - الجزء الأول

36.2K 1.4K 95
                                    


الفصل التاسع والعشرون ( الجزء الأول ) :

غطى وجهه بكفيه ثم فركه بهما بقوة ، وأطلق زفيراً ثقيلاً من صدره ، وحاول جاهداً تخفيف الألم الذي اجتاحه بعد سرد كل تلك الذكريات الموجعة ..


هو يشعر بالإثم نحوها .. فهي أفنت سنوات حياتها الأخيرة له ومن أجله ، وكل ما رغبته هو رسم السعادة على وجهه.. وحتى وإن كانت تلك السعادة مؤقتة و ستفني عمرها ..


اختارت التضحية بحياتها من أجل التنعم بلحظة حب صادقة معه .. وهو استشعر عدم أهليته لكل ما فعلته لأجله.

_ هذا ما زاد من شعوره بأضعاف الألم والذنب حيالها ..

هي كانت ضيفة عابرة في حياته ، واسته في أصعب أوقاته .. وهو لم يقدم لها سوى الإحترام ..

سحب مالك شهيقاً مختنقاً لصدره ثم زفره على مهلٍ وهو يتابع حديثه الذي خرج متحشرجاً منه :

- هي مكانتش تستاهل مني كده أنا عارف ، لكن...آآ.

صمت لوهلة قبل أن يتابع بضيق قائلاً :

- لكن أنا مقصدتش أظلمها ، هي ظهرت في حياتي في وقت كانت الدنيا كلها مضلمة في وشي.

_ صمّت آذانها قهراً عما تبقى من حديثه ، هو يشعر بالذنب تجاه زوجته وظلمه لها لعدم مبادلتها الحب وليالي العشق الجميلة .. ذلك أكبر ما يؤرقه ويعذبه !

استنكرت ما يقوله .. وتأجج صدرها بآلامها التي لم تنتهي يوماً ..

نعم ففي نفس التوقيت كانت تعاني هنا من ويلات مضاعفة ، لا تضاهي في قسوتها ما عايشه هو ..

و بالنهاية ، حتى وإن عاش لوعة الفراق والشوق لها ، فهو لم يذق آلم الإهانة والذل اللذين ذاقتهما وتشبعت بمرارتهما ..

زاد حنقها منه ، وبغضت وجوده أكثر وأكثر عقب أن علمت ماهية الثلاث سنوات اللاتي مرت عليه خارج البلاد..

لقد وصل لمركز مرموق، وتزوج بامرأة وهبته حياتها وحبها وأهدته في النهاية طفلة ملائكية .. قطعة جمعت بين أرواحهم ..


أما هي.....
ماذا وصل بها الحال ؟

لقد خسرت نفسها وكرامتها وأصبحت مجرد وسيلة وليست غاية لتحقيق مطمع دنيء ..

وفقدت طفلها الذي لم يرَ نور الأرض ولم تكن تعلم بوجوده بأحشائها ..

وعاشت حياة بائسة معذبة تذوقت فيها مرارة الألم النفسي قبل الجسماني ، لقد تجرعت لأشهر كؤوس العذاب مع ذاك الذي انعدمت الرحمة في قلبه ..
فشعرت بالشفقة على حالها أضعاف ما كانت تشعر في السابق ..

✅ وَبَقِي مِنهَا حُطَام أُنثَى ©️ كاملةWhere stories live. Discover now