الفصل الثالث

4.3K 113 4
                                    

دقت علي الباب برقه حتي سمح لها بالدخول لتدخل بخطي متردده كطفل مذنب ثم اقتربت منه حتي وقفت امامه لتقول بحنان اخطلت بحزن عميق ظهر واضحا داخل عينيها الزرقاوتين......
: ياسين ......انت زعلان مني يا حبيبي .
عادت تنظر الي ابنها الكبير أول فرحتها وثمرة حبها وحصاد حياتها...... لولاه هو واخوته ما كانت لها حياة حتي الأن....
تنهد بتعب ررغما عنه فالهم ذاد عليه وأثقل كاهله....... كثرة التفكير تكاد تودي بعقله......هل ما فعلته والدته صحيح......
هو يعلم ان والدته تحبه وتحتقد ان هذا هو طريقه الي السعادة ....... هو حقا يعلم ان وعد بحد ذاتها سعادة لمن يمتلكها...... وهو لن يمتلكها ابدا.....
هو لم تكتب له هذه السعاده ......
لن يفرح ولن يذوق طعمها....
وهل هو يستحق؟ .....
هل يحق له ان يفرح ويسعد بحب امرأه بينما هو حرم أخر من ذالك.....
انه يثق ان الحياة دين وكما تدين تدان .......
فهل سوف تسترد الحياة دينها منه عن طريق وعد.....
إلاها يا قدري إلاها ......
قالها بحرقه بينما يغمض عينيه بقوة بعدما اشاح وجهه عن امه كي لا تري عذابه ....
فتح عينيه ثم التفت يناظروالدته ....
تنهد بعنف ثم قال بصوت غلبه الارهاق ...
__ : لا ياماما مش زعلان منك..... .
تعمق الحزن في عينيها اكثر فأكثر ثم قالت بحنان مشبع بعاطفة الأمومه......
:__ والله انا بعمل كل دا عشان مصلحتك يا حبيبي..... عشان عوزاك تنسي بقي.....عاوزاك ترجع ياسين الي قبل خمس سنين......وعد احسن واحده ترجع ياسين لياسين .
ابتسم ياسين بمراره...... بينما داخله يهتف.....
(وعد هي من ضيعت ياسين من ياسين يا امي)
لكنه بدل افكاره بأخري ساخرة قاسية .....
__ : دا لما يكون ياسين عاوز يرجع ياماما ......
تابع مغيرا الموضوع فهو يعلم ان لا احد يستطيع فهمه غيرها......
هي من تفهمه وحدها لهذا يجب ان يلتقي بها.....
هو يحتاج لأن يتكلم معها حقا.....
__: يلا هنتأخر .
تحركت وروود معه بينما ذهنها في ملكوت اخر..... وقد اتجهت افكارها الي مناقشتها الحاده مع ياسين قبل عشرة ايام بعد ان عادت من زيارتها لوعد مباشرة....
فقد عملت بذالك المثل..
(اطرق الحديد وهو ساخن) ....
هي كان متسلحة بشجاعه وثقة اكتسبتها من موقف وعد الذي اكد لها صحة اختيارها..... بينما ياسين كان لايزال تحت تأثير رفضهم الجماعي لمشروع سفره الفاشل والذي لن توفق هي ابدا عليه مهما حدث ........
فلاش باك عشرة ايام .....
(هتف ياسين بذهول مشبع بالغضب والقهر......
__ : يعني ايه يا ماما.... مش فاهم مش قادر استوعب .
اهتزت قليلا من نبرة ولدها الحاده والمشبعة بالقهر الذي مزق قلبها عليه لكنها عادت تتسلح بالشجاعه وهي تقول ببرود تعمدته......
__ : في ايه يا ياسين بسيطه انا خطبتلك وعد...... واهي وعد مش غريبه بالعكس دي متربيه علي ايديك وانت بترتاحلها....... والبنت واهلها موفقين وهنروح نتقدم لها بكره بليل رسمي بس سهله مش كدا .
احتدت نبرة ياسين اكثر بينما يقول بغضب بدأ يفقد السيطرة عليه.....
__: بتحطيني ادام الأمر الواقع يا ماما... عاوزه تثبتيني بجوازه انتي عارفه اني مش عاوزها....... ليه يا ماما لييه .
تعالي صوت وروود بعصبية واضحه وقهر علي فلذة كبدها الذي يتعمد جرح نفسه بدون هوادة ولا رحمة.......
__ : عشان ارجع ابني الي بيضيع نفسو يا ياسين ....عشان ابني الي بيبعد عني وبيدبحني بسكينه تلمه ....عشان ابني الي عاوز يروح ميرجعش وياخد روحي معاه ....عشان ابني الي طلعت بيه من الدنيا وفي الأخر يذلني بدم بارد يا ياسين عرفت ليه ....
شلته كلماتها كأنها دلو مليء بماء مثلج سقط فوق رأسه في يوم شديد البروده ....... خرج صوته متحشرجا رغما عنه.....
__ : ازلك...... انا يا ماما ......معاش ولا كان الي يزلك وانا فيا نفس .
سالت دموعها انهارا بينما قلبها ينعي وصرخ ألما علي ألمه ونفسها تتعب علي تعبه ورحها ترهق مع كل لمحة مرارة تصدرها عيناه.......
همست بصوت باكي...... .
__ : لا بتزلني ياسين ....بتزلني لما اشوفك تعبانه ومش قادره اساعدك...... بتزلني لما احس اني معرفش ابني الي ربيته .........بتزلني لما تبعد عني وتخبي عني كل حاجه .... بتوجعني اوي يا ياسين بتوجعني يا ابن قلبي ..
ضمها اليه بقوه يخفيها داخل احضانه الواسعه بينما هو لا يعلم ايضمها من اجلها ام من اجله هو.......
نعم هو يحتاج ضمتها هذه يحتاج ان يعود طفلا يخطأ فيعتذر فتحل امه الأمر مهما كان كارثيا...... يحتاج لو استطاع ان يفضي بهموم قلبه في جعبتها......
يحتاج لو يتشبع بحنانها حتي تتخم روحه..... يحتاج لتلك الراحة التي تسكن خلاياها فيمتصها منها فيزداد قوة وصلابه ....... اليست هي قوته منذ ان كان رضيعا .....
تنهد بتعب ثم قال بصوته الحنون.....
__ : اسف يا ماما....... انا اسف سمحيني ....الي انتي عاوزاه هعملو ياماما ...... هعملو......انا بس مش عوزك تتعبي ولا تزعلي مني ........
اكمل داخله بألم......ااااه لو تعلمين يا أمي ما بي وما يشغل بالي...... ااه والف اااه لو تعلمين ذنبي الذي لم ولن استطيع التكفير عنه....... كيف اخبركي بما فعلت ومن ظلمت...... فليسامحني الله...... واتمني لو يسامحني هو...... تنهد بقوه وابعد والدته عنه وحاول الابتسام بوجهها فخرجت ابتسامته شاحبة مريرة لكنها تقبلتها برحابة صدر مبادلة اياه بأخري مشعة وحنونه......
استأذنها حتي يرتاح .... وكم هو يحتاج للراحة فعلا ولكن اين الراحة وعقله لا يهدء...... لا يكل ولا يمل من التفكير وفتح جراح الماضي........)
بااااك .
وها هي بعد عشرة ايام تحصد ما زرعته وتحضر خطبة ابنها علي من اختارتها له ولكن سعادتها تتلاشي كلما نظرت الي عينيه لتجد المرارة تسكنهما...... والتعب والارهاق يسكن خلاياه وانفعالته وهي اكثر من تفهمه.......
اكثر من تشعر به اليس ابنها الذي قضي تسع اشهر بجوار قلبها قبل ان ينير دنياها كثريات ذهبيه.....
كان هو الأخر شاردا في افكاره السودويه بينما شيطانه يوسوس له ان عقابه أت لا محاله.....
وها هو يحضر حفل خطبته وبعدها بثلاث اسابيع فقط سوف يحضر زفافه ........ وسيظل حتي ذالك الوقت ينتظر عقابه..... لعله يتطهر من ذنبه...........
******************************
كانت حفلة الخطبة حفلة ممله وعادية جدا......
تحاشا فيها وعد وياسين النظر لبعدهم وكل منهما غارق في افكاره الخاصه.... إلا انهما استمرا في الابتسام واصطناع السعادة كأنهما علي اتفاق مسبق...... حتي انتهت تلك الحفله بسلام.......
******************************
في منزل وجد بعد انتهاء الخطبة ......
جلست وعد وبجانبها وجد وبلسم وياسمين وزهره ويارا جميعهم علي سرير واحد واسع خاص بيارا ووجد .....
هتفت وعد بحماس حقيقي بينما الفضول يشع من كلماتها....
__ : ها ...يابيبو قوليلنا بقي عملتي ايه في مديرك الجديد ....
انفجرت بلسم في الضحك بطريقة انبأتهم ان هناك كارثه في الطريق...... بينما كانت بلسم تتذكر وجه خالد حينما فعلت اخر مقالبها الشقيه به لتقول ببراءة بصطنعه .......
__ : انا دا انا بريئه علي الأخر هو بس يعني .....كان تعبان اوي في الشغل فانا حبيت اريحو شويه ...
نظرت اليها وعد بشك بينما يراقب الجميع بلسم المبتسمه بترقب.....
لتقول ياسمين بفضول .......
__: يخربيتك عملتي ايه فيه انا مش مطمنالك ....اوعي تكوني.....
عادت بلسم تضحك ثم قالت ببرءة وهي ترمش بعيونها عدة مرات.....
__ : تؤ........تؤ ....متفهمنيش صح يا دودو دا انا كيوت ...
انطلقت ضحكات الفتيات علي طفولتها وطريقتها المضحكه في تحريك رموشها كالأطفال .....
بينما عادت وعد تقول بحماس .......
__ : بسرعه قولي عملتي ايه .
قالت بلسم ببتسامة وعيون تلمع بشقاوة طفوليه....
__ : ولا اي حاجه...... انا بس رديت المعروف زي معمل فيا بالظبط.......
عادت بذاكرتها الي ذالك اليوم الذي صنعت فيه اخر مقالبها في خالد....
فلاش بااك......
(كانت الشركة كاملة مشغولة بذالك المشروع الذي من شأنه أن ينقل الشركه نقلة أخري.....
دقت علي باب المكتب الخاص بخالد ليأمرها بالدخول بصوته الخشن الذي اعتادته......
ما إن دخلت حتي قالت بسرعة....
__: يعني ايه انا مش هشتغل في المشروع دا ...... ازاي اكون اكبر المهندسين هنا ومشتغلش في المشروع .......
نظر اليها خالد ببرود ثم عاد بنظراته الي حاسوبه الخاص مستعيدا تركيزه في ذالك العمل الذي امامه لتذداد هي غيظا وقهرا من تجاهله لها......
ضربت الأرض بقدميها ثم توجهت الي باب المكتب كي تخرج إلا أن صوته البارد الذي يرسل تلك الرعشة اللعينه الي اوصالها قد اوقفها......
__: أنا مأذنتش ليكي انك تخرجي يا انسة.....
عادت تنظر اليه بغضب ثم قالت بغيظ طفولي اثار رغبة حمقاء داخله في الضحك ......
منذ مت لم يضحك...
هو حتي لا يتذكر....
ابعد افكاره المشتته عنه وهو يستمع الي صوتها الذي لا يعلم لماذا يأثر به الي هذا الحد
__: ياه اخيرا شفتني تصدق اني كنت فكره نفسي شبح.......
اجفلت وارتجف جسدها كاملا وهي تسمع صراخه بها.......
__: اعدلي اسلوبك في الكلام معايا يا انسة......
دمعت عينيها بقهر ثم قالت بهمس خفيض .....
__: اسفة.
نظر اليها بحنان اخطلت بشيء لم يعرف هو معناه او مضمونه.......
لماذا تلك الفتاة تؤثر به لماذا....
لماذا لا يستطيع مقاومتها......
تنفس بعمق ثم ترك الحاسوب ونظر اليها بنظراته القويه ليقول بخشونه......
__ : اقعدي يا بلسم.
اطاعته بلا ادني معارضه هذه المرة بينما هزتها ذكري اخري لصوت اخر كان اقل خشونة لكنه اكثر قسوة واكثر غضبا ......
اردف بصوت حنون بعد ان رأي ترقرق الدموع داخل عينيها الجميلتين غير عالم انها ابدا لا تتذكر ما قاله حتي بل تتذكر كلمات اخري من شخص اخر ........
__: انتي فعلا مش هتشتغلي في المشروع بتاع الشركه اللبنانيه لأن أنا هعمل المشروع كلوا بنفسي.......
انتي عليكي بس تساعدي في حجات معينة ..... مفهوم .......
همست برقه دون ان تنظر اليه....
__: مفهوم...... ممكن اخرج بقي....
__: لا.....
نظرت اليه بستغراب وقد ادهشتها لهجته الصارمة برقة لا تليق بخشونة صوته.......
لماذا يذكرها به ولا توجد وجه مقارنة به لماذا خالد عندما يكون امامها يكون طيف ادم حاضرا.....
خرجت من شرودها علي صوته الذي خرج لأول مرة مشبع بالعبث يغلبه المكر .....
__: انا غيرت رأي مش انتي عاوزه تشتغلي في المشروع..... تمام انتي هتسعديني.....)
قاطعتها وجد وهي تقول بحالميه يعلم الجميع انها من طباعها.....
__: طيب مهو مدير كيوت ولطيف اهو... انتي ظالمه اوي علي فكره....
هتفت بلسم بستنكار....
__: ظالمه...... وخالد كيوت ولطيف.... لا بجد ابهرتيني .....
هتفت ياسمين بشك.....
__: مش عارفه ليه مش مطمنه لخالد دا حسه انه عمل فيكي كارثه.....
قالت بلسم بغيظ وقهر استبد بها....... __: اه يا ياسمين لو قولتلك عمل فيا ايه ....... بهدلني وعملني أله للشغل وبس خلاني اشتغل ليل ونهار..... الظالم المفتري لحد ما خلاص تعبت وزهقت وقررت انتقم منو دا خلاني اعمل التصميم الشبه اساسي للبرنامج كلو لوحدي وفي ظرف عشر ايام ........بس بصراحه ومن غير كدب هو عليه الجزءين الأصعب الجزء النهائي وال ما قبل النهائي في المشروع وانا عليا البرمجه النهائيه انا بقي مسيڤتش شغلو .....اصلي نسيت وخلي بقي يعيدهم ويشوف عميلوا فيا .........
هتفت وعد بستنكار ....
__ : يخربيتك دا انتي هتخليه يلف حولين نفسو.
ابتسمت بلسم بنعومه ثم قالت بمكر....
__ : يستاهل خليه يدنه شغال ليل ونهار عشان يلحق يخلصو قبل العرض اخر الاسبوع زي معمل فيا دا انا مكنتش باكل طول اليوم بسببه كأن الشغل هيطير يعني وقال ايه ....
حاوت تقليد صوته بطريقة اثارت ضحكاتهم ......
__: لازم نكون احسن من غيرنا السرعه في الشغل بتدينا وضع حلو في السوق ......
عاد صوتها لطبيعته لتقول بطفوله.....
__: اه هو ياخد وضع حلو وانا اخد علقة خليه يشبع بقي بالوضع الحلو .
قالت زهره بضحكه ناعمه واسلوب هادء طفولي كعادتها...
__ : يا خوفي منك يا بدران شكل اخرتك علي ايد الي اسمه خالد ده .
قالت ياسمين ببتسامه واسعة وغمزه وجهتها لبلسم......
__ : انا حاسه كدا برضو .
ضحكت بلسم ضحكة شريره.....
__: لا منا واخده اجازة اسبوع والعرض اخر الاسبوع دا يعني بعد يومين بس وانا هكون لسه في اجازه .
ضحكت الفتيات بسعاده ثم قالت يارا بطريقة مضحكه وهي تحرك شفتيها يمينا ويسارا...
__: بكره نشوف ....مع اني حاسه ان اخرتك هتبقي بمبي .
ضحكت بلسم ثم قالت بشقاوة....
__: لا خليها لبني بحبو اكتر هههه .
امسكت وعد بأحد الوسائد لتقذفها في وجه بلسم وهي تقول بضحك......
__ : يخربيت دمك ...شرباااات .
انطلقت ضحكات الجميع بينما قالت بلسم بضيق مصطنع......
__ : طيب نامي بقي منك ليها.
.........
____________________________________

اسكنتك قلبي..... ((((( مكتملة))))Where stories live. Discover now