الفصل الخامس

3.9K 104 6
                                    

في اليوم التالي .......
كانت في طريقها  الي الشركه في وقت مبكر وقد تملكها الرعب هل ترد لها الأقدار مقلبها السخيف.........
كادت تبكي وهي تتذكر ما فعلته بغبائها......
قابلتها والدتها لتسألها عن سبب اسراعها لتقول بصوت غلبه البكاء......
__  : يا مامي  .....انا مسيفتش البرنامج تاني وممكن كل تعبي يروح .......... دا غير اني لسه مش خلصت  البرنامج واستاذ تلاجه دا هيقتلني يا ربي طيب اعمل ايه دلوقتي........
قالت والدتها بحنان......
__: طيب اهدي...... روحي وابقي طمنيني.....
كانت هي  اول من وصل الي الشركه من بعد عامل النظافه الذي يحضر ما ان تشرق الشمس  دخلت الي مكتبها لتجلس علي مقعدها وتناولت حسوبها بأنامل مرتجفه ثم دخلت علي برنامجها الذي تعبت لتصنيعه لتجده مكتمل بأفضل ما يكون ......
همست بغير تصديق وهي تعيد مراجعة المشروع......
__: مش معقول .....انا مكنتش وصلت للجزء الاخير اصلا .....معقول يكون خالد ....يا ربي مفيش غيره ....بجد انا مش مصدقه .....انا لازم اعتذر ليه علي امبارح ......بس ازاي يا بلسم ....ازاي ...وجدتهااااا..
ضحكت بطفوله وقامت سريعا تنفذ خطتها الطفولية بحماس وسعاده وهي تترقب وصوله علي احر من الجمر وقد اخذت قرارها ان تعقد هدنة معه فهو حتي وان كان بارد بقدر حرقة الجحيم الا انه يبدو طيب القلب......نظرت الي الساعه ثم شهقت بتفاجأ.... فقد بقي علي وصوله قرابة الساعه فقط ....
اعادت بلسم التفكير في خطتها التي تراها عبقريه ثم شهقت فجأه لتقول بإحباط......
__: بس اكيد المشروع اخد منو الليل كلو .....يبقي اكيد مش هيجي ....طيب انا هعمل الي عليا جه جه .....مجاش يبقي قدره  ....
....في تمام السابعه ....
وصل خالد الي الشركه ليدخل الي مكتبه مباشرة ........
كان  يشعر بصداع رهيب فهو لم ينام لدقيقه ليلة امس فقد انهي البرنامج لبلسم كعتذار منه علي طريقته السيئه معها وعلي دموعها التي تساقطت بسببه .......
ومن بعدها ذهب الي منزله ليسترخي تحت زخات الماء الساخن  المريح للأعصابه لبضع دقائق ثم بدل ملابسه ليعود الي الشركة  بلا اي فاصل........
رغم تعبه وارهاقه الا انه كان مشغول الفكر بتلك النار الحارقة التي اشتعلت في صدره منذ سمعها تهمس بإسم اخر اثناء نومها واحلامها.....
تنهد بعمق وهو يدخل الي مكتبه و قد قرر ان اول ما سوف يفعله هو ان يطلب فنجان ضخما من القهوه حتي تهدء ذالك الصداع قليلا ومعها احد حبات المسكن حتي يستطيع التركيز في عمله..........

اعتلت  الدهشه ملامحة حينما وجد أحلامه تحققت بدون حتي أن يطلبها..... جلس علي مقعده الخاص ينظر الي فنجان القهوة الموضوع علي سطح مكتبة بينما البخار الساخن ذو الرائحة الذكيه  يتصاعد منه معبقا المكتب بعبق القهوة........ وبجانب الفنجان  ورقه مطويه وكبسولة دواء مغلفه هو في اشد الحاجة اليها........
فتح الورقه ليجد رسم علي شكل وجه لطيف مبتسم وكلمتين فقط .....اسفه ....شكرا ...
بطريقه مضحكه جعلته يبتسم تلقائيا وهو يعلم من الفاعله فمن غيرها تستطيع فعلها  .........
اقترب من القهوة بحذر وتذوقها ليذوب في لذة طعمها اغمض عينيه بستمتاع بينما السائل الساخن يتخلل خلاياه باعثا الدفيء والإسترخاء فيهما.....
لقد كانت القهوة مرة كما يحبها لكن  بقدر مرارتها الا انها كانت لذيذة وذات مذاق مختلف عما يشربه دوما....
كانت رائعة كصاحبتها  .....
ومن قال انها لا تشبهها......
انها كالقهوة تماما.....
لذيذة رغم مرارتها.....
ممتعه رغم سخونتها.....
تنتشل التعب من خلايا الجسد كما القهوة.......
وضع فنجان القهوة علي سطح المكتب ثم رفع سماعة الهاتف الداخلي ليقول بصوت آمر كالعادة.......
__ :  ابعتيلي الأنسة بلسم حالا يا مها ...
__ : حاضر يا فندم .
بعد عدة دقائق سمع دقات ناعمه علي باب المكتب ليأذن لها بالدخول......
دخلت بلسم وهي تخفض رأسها بإحراج نظر اليها متأملا هيئتها التي لا تتغير ابدا لترتسم ابتسامة صغيرة علي طرف شفتيه الا انه محاها وهو يقول بهدوء بارد  ....
__ : شكرا علي القهوه .
ابتسمت ابتسامة واسعة كانت بالنسبة اليه سحر اراد منها الا تبتسم يكفيه جنون افكاره منذ عرفها.....
لا ينقصه ابدا ان يتصرف بأكثر الأفعال سخافة وحماقة......
انساب صوتها الناعم المغناج داخل اذنيه  وهي تقول بلطف ليتها تعلم اي أفكار تدور في ذهنه الأن   ..... لو علمت بذالك الذي يتمني لو يستسلم لشيطانه وما يمليه عليه لفرت هاربة الي ابعد الحدود  .......
__ : عجبتك .
هل تسأله.......
ليتها تعلم ان كل شيء منها يعجبه يسحره.......
اي شيء يمر بجواره  طيفها يكون فاتنا......
غضب.....
غضب غير مبرر احتل داخله بينما تلك الأفكار تدور داخل رأسه......
عد الي رشدك يا خالد ....
ليست طفلة هي من تخرجك من وقاىك.....
تذكر دائما ما ينتظرك خارج اسوار تلك الشركة لا تنسي ابدا.....
لا يحق لك ان تنسي......
من هي......
من تكون تلك.....
مجرد موظفة لديك.....
موظفة ساحرة لكنها لا يجب ان تتخطي كونها موظفه.....
افق يا خالد وعد لرشدك  .....
اعاده صوتها مرة اخري الي الواقع منهيا وصلة الصراع اليومي الذي يعيشه....
:_ استاذ خالد.....
قال بخشونة ليست فقد في صوته بل في نبرته التي  لم تعتده منه ابدا بينما عيناه هو كانتا تهربان من عينيها المشعتان بسعادة بشتي الطرق ........
_ : جيدة يا بلسم  .....
. اذهبي الي عملك  .
حزن خفيف اطفئ شعلتا عينيها بينما تقول بصوت رقيق كأنه تغريد عصفور حزين.....
صوتها اصابه في الصميم .....
:_ انت لسه غضبان انا اسفه  ....
اغمض عينيه بقوة محاولا السيطرة علي انفعالاته ليقول بصوت حيادي لا يمت لشعوره بصلة......
:_ لا يا بلسم..... انا مش غضبان وكمان القهوة فعلا حلوه.
قالت بحماس ضاعف لمعة عينيها السوداء......
: انا عارفه انها حلوه ...... اصل خالو يوسف بيقول انا احسن واحده تعمل قهوه في العيلة ومالك بيعشق القهوه من ايدي بيقول ان فيها سحر .
قالت كلماتها ببرائة غير واعية لشعلة النار التي اشعلتها بنفسها......
رجلين ......
نطقت بلسانها اسم رجليم بين ليلة وضحاها امام عينيه وفي وجهه......
ليتها تعلم ما يفكر في صنعه الأن لماتت رعبا من سادية افكاره في كيفية قتلها هي وهذان اللزان استحقا ان تنطق اسمهما من بين شفتيها الناعمة.....
رفع احد حاجبيه بشكل خطير  وهو يتسائل برود بينما عينيه تطلقان  شرارات من الغضب لو انها تقتل لقتلتها .....
__ : مالك !!؟
ابتسمت ثم اجابت ببساطه.....
__ : تقدر تقول عليه ابن خالتي بس من بعيد شويه .
عاد ينظر اليها بتركيز بينما شرارات غضبه تزداد اشتعالا  وافكاره تزداد  قسوة وعنفا ......
__ : وبيشرب القهوه عندكو ..
هزت كتفيها بحركة لطيفه ثم قالت ببراءة غير واعية لذالك الذي يكاد يحترق امامها ويحرقها معه ....
__ : لا انا الي بروح اعملهالو ا اصل ممنوع عندنا في البيت القهوة تتعمل ساده ......
ضحكت بلطف لم يطفئ ولو قليلا من شعلات ناره  ثم  اردفت بحنان ......
__: ماما عامله حظر علي القهوه .
رغم جميع البراكين التي اشتعلت داخله وجد نفسه يبتسم...... ومن غيرها تستطيع جعل الابتسامه لا تفارقه ...... من غيرها تلون حياته المرة بطعم اللذة .....
هل للبراءة طعم وللسعادة طعم.....
اذا كان لهم فهم بطعم البلسم....
استجمع تركيزه لبعض لحظات ثم قال...
__: طيب ممكن تروحي علي شغلك.
ودعته ببتسامه وخرجت وهي سعيده بينما هو يستشيط غضبا من برائتها وعفويتها الذائده عن الحد والتي تثير به مشاعر ......
هو ابدا لا يريدها حتي لو كان يحتاجها ......
هو ابدا لن يستسلم لحتياجته.......
يكفيه ظلما........
لن يظلمها هي الإخري ويدخلها حياته التي يعلم جيدا مدي سوادها......
*****************************
في نهاية اليوم وبعد انتهاء ساعات العمل  خرج خالد لأول مرة في وقت مبكر علي عكس كل يوم الا انه اليوم متعب جدا عن كل يوم.......
يكفي انه لم ينم امس واليوم كان يوم مزدحم جدا بالعمل......
رأها عن بعد كانت  تقف امام سيارتها الصغيره ويبدو عليها الضيق مما جعله يقلق......
لماذا يقلق عليها من الأساس؟!...
اقترب منها حتي وقف امامها ليقول يهتمام حاول بقدر الإمكان اخفائه........
__ : في ايه يا انسة بلسم .....حصل حاجة ولا ايه؟
نظرت اليه ثم تنهدت بضق كانت علي وشك ركل سيارتها الا انها بدل عن ذالك قالت بانزعاج.....
__ : زوزو شكلها عطلت.... .
__ : زوزو....زوزو مين دي؟؟.
ضحكت بلطف علي ملامحة المستغربة  ثم قالت برقه.....
__: عربيتي اسمها زوزو .
ابتسم لها ابتسامة كامله لأول مره ثم قال بجفاف يخبئ خلفه غضبه منها فهو حتي الأن لا زال يتلظي علي جمرة من نار بسبب جهله لعلاقتها بذالك ال سامر وذالك المالك.......
لا يعرف لماذا يحرقه التفكير بها خطيبة او حبيبة لأحدهما.......
__ :طيب بما ان ست زوزو عطلانه  تعالي اوصلك .
تحمحمت باحراج ثم قالت.....
__ : مفيش داعي انا هاخد تاكس.
رفع احدي حاجبيه بتحذير ثم قال بحزم .......
__: بلسم اركبي هوصلك.
ابتسمت له بامتنان ثم قالت برقه.....
__ :  شكرا بجد يا استاذ خالد .
صعدت الي السيارة لتجلس علي المقعد المجاور له  في سيارته  السوداء الضخمه القابعة كوحش اسود امام الشركه ....
خيم الصمت عليهم لعدة دقائق حتي قطعة خالد قائلا.......
__: بس انتي ليه سميتي عربيتك زوزو .
ضحكت برقه ثم قالت بمرح ........
__:  اصلها صغيره كدا ومحندقه فحبيت الاسم عليها صراحه .....
ابتسم لها ايضا بينما ظلت هي تثرثر طوال الطريق وهو يستمع اليها بستمتاع وكلما توقفت عن الكلام يأتي هو بموضوع جديد حتي تتكلم مرة اخري وقد علم كل شيء عن عائلتها.....
تلك الراحة التي احتلت كيانه ما ان علم ان ذالك السامر هو شقيقها.....
وان الأخر هو صديق للعائلة تربطها به علاقة اخوية بحته.....
ارعبته....
ارعبته فكرة ان تكون لأخر......
وارعبه اكثر تفكيره بها بهذه الطريقه ...
بعد دقائق طويلة مرت كسراب قال بضيق.......
__: وصلنا..... هو دا البيت مش كدا .
قالها وهو يتوقف امام منزلها لتترجل خارج السيارة وهي تودعه ببتسامة رائعه ثم قالت بلطف.....
__: ايوه هو دا ..... شكرا  مرة تانيه يا استاذ خالد واسفه علي الازعاج  .....
تمنت له الوصول الي منزله سالما...... ودعته بإشارة من كفها ثم دخلت الي منزلها تتقافز كفراشة سعيده بين زهور الربيع النضرة......
  تابعتها عيناه حتي دخلت الي المنزل وواختفت عن ناظريه.....
اطل حزن غريب من عينيه لا تليقان بشخصيته ابدا......
ادار سيارته وانطلق ليذهب.....
الي حيث الواقع الذي يختفي بخجل خلف ستار من السعادة المؤقته مها هي بلسم  .....

اسكنتك قلبي..... ((((( مكتملة))))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن