الفصل الثامن عشر.

2.8K 105 9
                                    

كان يمشي بالسياره بلا هدي في كل الطرقات والأماكن وعيونه تقدح شررا وغضبه كحمم بركانية حارقة فهو غاضب من نفسه لا من احد غيره  ...... وصل الي المنزل ليوقف سيارته بالجراج و ترجل منها مبتعدا بخطواته متجها الي الداخل  ........
لم يمر عليهم ليقلهم لأنه لا يريد ان يراها الان..........
يجب ان يختلي بنفسه اولا يجب ان يهدأ ويبدأ بالتفكير السليم قبل ان يواجهها ويبرر موقفه .....
سب نفسه مئة مرة علي مافعل يا الله .....
كيف يفعل ذالك ........
كيف يكون قذرا هكذا......
و مع من صغيرته دنيا ........
طفلته.......
انها طفلة ......
يا الله كلما تذكر ذالك .......
يحترق حقا يحترق ........
يشعر بالاختناق ولا يفهم سبب هذا الإختناق الرهيب ....... دخل الي المنزل و جلس علي اقرب اريكة قابلوه وهو يتنهد بإرهاق وحرقه .....
ظل يفكر .....
لماذا هي ......
دنيا طوال حياتها بجانبه و معه في كل خطواته دائما و ابدا ما كانت صغيرته المدللة التي لا يضاهيها احد في مكانتها في قلبه وحياته .....
اذا لماذا تلك المشاعر المفاجئة........
لماذا كل هذه التصرفات غير المفهومه وغير المحسوبة ......
وذالك الفقدان للسيطرة الذي ينتابه امامها هذه الأيام........
هو لا يحبها مؤكدا لا يحبها الا كشقيقة صغري .......
اذا لماذا .....
لماذا تقتله دموعها و تفطر قلبه ..... وتضعفه لدرجة ان يتنازل وينفذ ما تريد وبكل سعاده .......
لماذا تسعده بسمتها وتذيبه ضحكتها ......
لماذا تشعل غضبه بمجرد وقفوها مع غيره او مزاحها و ضحكاتها حتي لو مع رجل كعمه رضوان او طارق .......
لماذا لا يحتمل اذيتها ........
لماذا يفقد السيطرة في وجودها....... وجودها هي فقط.......
حتي خطيبته لا يفقد معها سيطرته علي نفسه بل دوما هو المتحكم الذي يحسب خطواته خطوة بأخري .........
فهو يفعل مايريده هو وقت ما يريد و بكامل ارادته .....
لكن تلك الصغيره تقوده للجنون .... حتما هو قد جن حتي يفكر بها ذالك التفكير غير البريء ابدا    ........
فهي صغيرة و....مثل شقيقاته فقط .......
لا يعرف لما رفض قلبه تلك الكلمه واحتج عليها الا انه لم يبالي لا يجب ان يبالي .....
اغمض عيناه لتظهر صورتها امامه من العدم......
هي بكل جمالها و برائتها شعرها الحريري الذي بلون عينيها بلون القهوة الطازجه اللامعة بسحر خاص  كأنه ........ سحر الصباح الباكر المعبق برائحة القهوه ......
رموشها التي تحمي نبع القهوه اللامع خاصتها ......
حاجباها القصيران بطفولة ..........
و جنتيها المحمرتين والممتلئتين .......
و شفتيها .......
يا الله منهما ورديتان ناعمتان بطعم العسل  .......
اعتصر عيناه بقوه وهو يحاول منع تلك الذكري من غزو عقله .....
يا الله هو لم يحلم بذالك في اقصي احلامه جموحا لم يتخيل يوما أن مذاق شفتي صغيرته سيكون بهذا ...... يااللهي هو حتي لا يعرف بماذا يشببه هو شئ كالسحر ليس له مسمي  ........
انتفض واقفا و هو يحاول الا يفقد سيطرته علي نفسه و يذهب اليها الان و امام الجميع و يخطف تلك القبل للنهاية .....
ظل بعض الوقت في المنزل يحاول شغل نفسه بأي شيئ حتي طفح الكيل منه هو يريد ان يراها الأن ولن يستطيع ان ينتظر لحظة اخري  ......اتصل بوالدته ليقول بإيجاز .......
- : ايوه يا ماما .... انا جاي اخدكم حالا ...... ايه يعني دنيا روحت بعدي علي طول .... طيب و حضرتك ... اه ....... يعني هتجيبي حجات مع طنط تمارا و بعدين ترجعي مع فارس....خلاص ماشي...عماتا انا في البيت .... لا مكنتش اعرف ان دنيا هنا .... خلاص ماشي هطمن عليها باي.
تصاعد غضبه منها .........
هل صعب عليها ان تستمع لكلامه ..........
سامر لا تكذب انت لست غاضب من ذالك......
انت حتي لا تعرف مما انت غاضب ....... فقط غاضب وبشده .......
أغاضب منها سامر أم من نفسك ؟ ؟؟!!!......
صعد الي غرفتها ينهب السلم نهبا ....... دق علي باب غرفتهاعدة مرات ........ لكن لم ترد وكأن الغرفة فارغه .
تصاعد صوته القلق بينما يقول بصوت عال نسبيا.......
-: دنيا انتي نايمه.
سمع صوتها الضعيف ينفي بهمس بالكاد مسموع.........
-: لا ...
تنهد سامر براحه وهو يستمع الي صوتها  ليزول قلقه وخوفه
....
قال بهدوء هو ابعد ما يكون عنه.....
- : طيب انا هقعد تحت تعالي.
نزل الي اسفل ينتظرها في الصالون وهو جالس علي نفس الأريكه التي كان يجلس عليها قبل ان يصعد اليها ...
مرت اكثر من 30 دقيقه ولم تنزل حتي شعر بالضيق وكاد أن يصعد اليها لولا ان سمع صوت خطواتها علي السلم .......... استدار ليراها لكن صدم مما رأي.......
كانت تحمل في يدها حقيبتها كأنها تنوي المغادره ......
سقط قلبه بين قدميه .....
هل هي غاضبة منه لما حدث........
ولها الحق بل لها الف حق......
ولكن ان تصل الا حد ان تغادر .......
لا هو ابدا لن يسمح لها ابداااا .......
قال بصوت قوي وثقة مصطنعه بينما في داخله لأول مرة يشعر بالخوف.......
-: ايه الشنطه دي يا دنيا.
دنيا بصوت جامد عميق مغاير لصوت صغيرته الناعم الرقيق الرقراق......
- : انا هامشي يا سامر.
وقف و تقدم منها ليقف امامها مباشرة بينما اعتلت عيناه نظرة غامضه  و هو يرفع احد حاجبيه بستنكار ..........
-: دا الي هو ازاي؟ ..... و ليه ؟؟ .
تزلزل قناع القوة الذي ترتديه لتترقرق الدموع داخل عينيها البنيتين وتقول بتلعثم باكي  وقد عاد لها ذالك الألم ينحرها......
-: عشان...عشان.....
اقترب منها اكثر ليكور وجهها بين كفيه ويقول بصوت حنون دافئ اسال المزيد من دموعها........
- : عشان ايه يا دنيا ..... انتي زعلانه مني.
ابعدت يداه عنها وهي تعود للخلف عدة خطوات و تلك الكلمات الخاصه بزوجة ابيها تصدح داخل عقلها كصوت احد الحيوانات في كهف نائ  ....
دنيا  وجسدها بدأ في الارتجاف ودموعها في السيلان اكثر......
لتحتضن نفسها بزراعيها وهي تقول بصوت مرتجف......
-  : انا مش زعلانه منك و مش من حقي ازعل  .... كتر خيركم مستحمليني لحد دلوقتي ...... بس كفايه كدا ..... انا مش عاوزه حد يشفق عليا ..... مش عاوزه شفقة .... مش عاوزه اضيع حد بسببي تاني.
لم يفهم شيء من حديثها الأحمق ليقوه بغباء.....
-: انتي بتقولي ايه .....انا مش فاهم قصدك ايه يا دنيا.
اقترب منها ليهتف بغضب وقد فهم معني كلماتها امسك كتفيها ليثبتها امامه ويثبت عيناه داخل عيناها ليقول بصوت غاضب..........
- : ايه الهبل دا .... انتي شايفه اننا بنشفق عليكي .... تبقي عبيطة احنا كلنا هنا بنحبك .....انتي شايفه حب ماما ليكي الي بتعتبرك زي بلسم شفقه ..... انتي شايفه حب بابا الي بيعتبرك جزء منو وبيحبك اكتر من والدك الحقيقي شفقة ........ شيفه حبنا كلنا  ليكي شفقة ......و كمان تضيعي مين ........ ؟!  انتي من امتي ضيعتي حد ولا اذيتي حد.
دموعها سالت كأمطار اسياوية لا تتوقف عن الهطول وجسدها بدأ بالإرتجاف بين يديه بينما تقول بضعف......
-: اذيت ..... اذيت يا سامر .....اذيت ماما لما ماتت عشان انا اعيش ......اذيت بابا لما كنت السبب في موت الانسانه الوحيده الي حبها ....... اذيت ادم لما زاد الحمل عليه و سافر ويمكن ميرجعش ......اذيت كتير اوي.
سامر بغضب وهو غير مصدق لكلماتها الخرقاء ......
-: انتي هبلة و لا مجنونة ..... ايه الكلام العبيط ده.....انتي مأذيتيش حد ..... مامتك دا كان قدرها يادنيا والي انتي بتقوليه دا قلة ايمان بربنا ...... و ابوكي دا ....ربنا هيحسبو علي الي بيقولو و بيعملو فيكي علي ذنب مش ذنبك ..... وادم . ....ادم سافر من ابوكي و عميلو مش منك ادم كان كل الي مخليه مش عاوز يسافر هو انتي ......انت جميله  و طيبة و حنينه  .... انتي متقدريش تأذي حد ...... انتي حتي مش بتقدري تزعلي حد .
- : بجد...
كانت اجابتها ضعيفة رقيقة مستفهمه كأنها تتمني لو يأكد لها ما يقول وهو لم يبخل عليها ليقول بحنان ولطف وهو يمرر ابهامه علي وجنتها برقة......
-  : طبعا بجد....انتي احلي حاجه في الدنيا...... يا دنيا.
ابتسمت وسط دموعها من كلماته الرقيقه التي اصابت قلبها بسهام  عشق  زادت من حبها له اضعاف مضعفه ....... اندفعت تختبأ بين احضانه الدافئه .....
تفاجأ ........
لا بل صدم مما فعلت ودقات قلبه الخائنة تحررت من اسرها لتبدأ بالخفقان بجنون كأنها في سباق.......
وسعادة لذيذه تسري مع دمه.....
  لم تمر ثانيه الا وكان يضمها هو الأخر وابتسامة واسعه تزين فمه الحازم ........
ظل يهدهدها كما يفعل دائما فهي بالنهايه صغيرته وطفلته كما ستكون دوما ......
ابعدها مازحا......
-: ابعدي كدا....ايه التلزيق دا ياربي ...انا عارف اني امور وحليوة بس ....مش للدرجادي يعني.
اطلقت احدي ضحكاتها الرقيقه ليبتسم هو بسعادة اكبر ........
سرعان ما تحولت ابتسامته لغضب وهو يري ما ترتديه وعقله لايفكر الا في جملة واحده
........ (هل كانت ستخرج هكذا) .......
كانت ترتدي سروال من الجينز الضيق الثلجي اللون  و قميص اسود  بأكمام ضيقه و تفصيله رقيقه تميل للإتساع الخادع لتظهر منحنياتها الأنثويه برقه ....و حزام جلدي عريض  من الخصر باللون الأحمر ..... و ينتهي قميصها عند اطراف سروالها .....
تحولت ملامحه الرقيقة لأخري غاضبة بينما يهتف  بغيظ ......
-: هو حضرتك كنتي ناويه تخرجي كدا؟؟؟.
قالها وهو يشير الي ملابسها لتنظر اليه بستغراب وتقول مستفهمه .....
- : اه ..... هو لبسي فيه حاجه...
سامر بعصبيه وهو يمرر كفه بين خصلات شعره الأسود........
 -: قولي مفيهوش حاجة ....... الصبر ....... عشان لما  اكسرلك رقبتك متبقيش تزعلي ..... دا لبس تخرجي بيه يا هانم .
بينما هو غاضب ومحترق مانت هي ترمش ببلاهه وهي تقول  ببرائه استفزته اكثر......
 - : مالو لبسي مهو حلو اهو.
يا الله لقد وصل الي اقصي مراحل ضبط النفس .....قال بهدوء مصطنع.....
-  : دنيا متستفزنيش مش عاوز اشوف لبس زي دا عليكي تاني ابدا مفهوم.......
تنهد بعمق و هو يري علامات الحزن والتساؤل في عينيها الواسعتين ......
يا الله الغبيه اعتقدت انه لا يراها جميله تابع مازحا........
- :  يلا امشي بقي ....جتك القرف وانتي حلوه وطعمه كدا.
انار وجهها بسعادة من غزله الخشن لها ثم قالت ضاحكه  .......
-: طعمه دي جبنه مثلثات.
ضحك بخشونة عليها ثم رفع كفه عليها ليقول بتهديد مازح.....
- :  ليكي نفس تهزري ........ امشي يا بت هضربك ...... انتي مش كنتي عامله مناحه من شويه دلوقتي قعده تضحكي يختي اما دلع ماسخ بصحيح.
دنيا وهي تخرج له لسانها......
-  : لكش فيه ......انا جعانه.
- : يلا يا بت من هنا ....... روحي غيري و انا هتصل بماما و اعزمك بره.
قهقهت بسعادة وهي تقفز كالاطفال......
- : بجد.....طب والله انت عسل.
ذهبت لتبدل ملابسها بينما اتصل بوالدته و استأذنها و وافقت....
..................     
عند ملاك....
قالت تمارا ببعض القلق.......
- : انت مش شايفه ان الي بتعمليه دا مبالغ فيه هو مش بيحبها .....و كمان ميصحش ابدا تخليه معاها لوحدهم و تخليه يتحكم فيها بالشكل دا.
- : لا يصح يا تمارا.....حقو....
احتلت الدهشة ملامح تمارا لتتسائل بتعجب.....
-: حقو.....
- : ايوه حقوا........ وحقوا يمكن اكتر من حارس نفسوا...... تعالي بس و انا هفهمك.......
................
عند دنيا....
تناولوا الطعام و هم يتمازحون.....
ويمرحون حتي اتي اتصال هام لسامر فقال لدنيا بلطف........
-  : دنيا عندي شوية شغل في القسم تعالي اروحك...
بتردد قالت بهمس رقيق الهب حواسه....
-  : هو انا ينفع اروح معاك.....
ابتسم سامر علي ترددها المضحك قائلا  .........
-: تعالي اصلا انا بس هجيب شوية حجات من هناك ونمشي تاني .
وصلو الي قسم الشرطه .....
دخل سامر و هو يمسك بيد دنيا التي كانت تنظر لكل شيئ ببرأه كأنها طفله تكتشف عالم من الحلوي .....
تقابل سامر مع احد اصدقائه.
- : ممدوح يخربيتك ..... ايه الي جابك هنا ياض.
اجابه صديقه بنفس اللهجة الخشنه.....
- : سامر....يخرب عقلك هو انت وراية ورايه  ههههه اصلي ياسيدي اتنقلت هنا جديد يا سيدي ...... بس مين القمر دي؟.
مد يده مرحبا بدنيا التي ابتسمت له الا ان سامر وقف امامها تماما لتكون هي خلفه......
وقال بغيظ وهو يضغط علي اسنانه بقوة ....... 
-: ايه هو انا مش مالي عينك.......
ممدوح لم الدور .... بلاش تخليني اتهور عليك.
ضحك ممدوح بخشونة بينما يغمز لسامر ........
-: خلاص ياعم عرفنا انها تبعك ....... بس حد يجيب حتتة السكر دي القسم.
قال سامر بغضب وهو يضرب كتف صديقه بضيق ........
-: خف ...... يا خفيف و ملكش دعوه بيها خالص ....... ولا كأنك شفتها يا برنس...... و كمان هي الي عاوزه تيجي تتفرج انت مالك  ......استنا استنا ........ هو انت الظابط الجديد الي المفروض استقبلك.
غمزه ممدوح بمرح بينما يقول بمزاح......
- : شكلو كدا ..... شفت ما انا مش اي حد برضوا .....المهم تعالي عاوزك.
قال سامر برقه وهو يجلس دنيا علي احد المقاعد  .......
-: دنيا خليكي هنا مش هتأخر.
دخل سامر الي احدي الغرف بينما ظلت دنيا في مكتب بسيط اجلسها فيه سامر .......
الا انها ملت فخرجت لتشاهد من في الخارج ........
تجولت هنا وهناك تسمع البكاءوالصراخ واصوات الاقدام العاملين في المكان....
ظل عقلها يفكر كيف يتعامل سامر مع هؤلاء الناس.....
عاد سامر باحثا عنها عندما لم يجدها توقف قلبه رعبا ثم عاد يضخ الدم بعنف داخل شراينه....
خرج راكضا ليبحث عنها ولكن بحثه لم يدم طويلا وهو يراها تجلس بجوار احدي المتهمات  تتكلم معها برقة...
ذهب اليها لتبتسم له ما ان رأته ثم وقفت لتتجه اليه بدورها....
ما ان وصلت اليه حتي استفهم منها قائلا.........
-  :  سيبتي المكتب ليه....... و كنتي بتعملي ايه....
ابتسمت دنيا بحزن بيننا تقول باستياء ......
  -: زهقت فخرجت اتمشي و  كنت بتكلم مع الست دي يا حرام شكلها مظلومة .
ابتسم سامر علي برائتها ليقول ناصحا  وهو يمسك بكفها بين يديه........
- : هنا متصدقيش كل الي يتقال.
نظرت اليه بحده غاضبه جعلت الابتسامه تحتل عينيه قبل شفتيه وهي تقول .........
  -: متخفش انا بعرف كويس افرق بين الناس الكويسه و الناس الكدابه.
-: طيب يختي يلا نمشي.
-: يلا....بس تصدق انا جعت تاني.
ضحك عليها بقوه وهو يقود السيارة عائدا الي المطعم فطفلته لا يرد لها طلب  ولا امر حتي لو طلبت نجوم السماء .....
*********************     

اسكنتك قلبي..... ((((( مكتملة))))Where stories live. Discover now