الفصل الثاني والثلاثين.

3K 95 3
                                    

لم تكن تتسائل......
كانت تقر بوجع لقي صداه سريعا داخل قلبه هو.......
اغمض عينيه بقوة ثم قال بصوت أجش صلب. ..
:- بلسم اقعدي وانا هفهمك......
انطلق ضحكاتها عالية......
هل سمعتم يوما عن ضحكات تصرخ وتبكي.....
ضحكات تؤلم اكثر من الصمت.....
ضحكاتها قتلته و عذبتها.....
احرقت قلبه  و دمرت روحها.....
قطعت ضحكاتها بتأوه اشبه بالزئير ليغمض عينيه بقوة وهو يطلق لعنة خافتة......
سمع صوتها المبحوح وهي تقول بسخرية......
:- تفهمني....... تفهمني ايه...... ان الي خرجت من شوية دي مش مراتك........ وان الولد الي برة دا مش ابنك....... ان انا سمعت غلط و مها..... مش اختك..
- بلسم..... لو سمحتي احنا محتاجين نتكلم ......
هذه المرة لم تضحك  لكن سالت دموعها سخية غير قادرة علي ايقافها بينما تقول بحرقة.......
:- نتكلم........ نتكلم في ايه...... في انك متجوز وعندك ابن....... انك كدبت عليا الف مرة وانت بتقولي ان مها مرات صحبك......... نتكلم في انك  كنت بتخدعني....... انك كدبت عليا........ اني طلعت هبلة وصدقت انك بتحبني......
قاطعها بعنف وقد اقترب منها بسرعة....
:- انا مكدبتش عليكي يا بلسم....... انا بس مقدرتش اقولك لكن مش هسمحلك ابدا انك تشكي اني بح......
قاطعته هي هذه المرة وبهتاف قوي أكسبته ألمها كاملا.......
:- بس...... كفاية كدب بقي....... هتبرر ايه واتقول ايه..... انت محبتنيش..... لو كنت حبتني مكنتش خدعتني بالشكل دا...... لو بتحبني مش هتوجعني كدا ... مش هقدر اسامحك.... ابدا.....
تلاقت نظراتهما معا لثانية واحدة .....
لأول مرة لا تكون عيني خالد مروان قوية ثابتة وواثقة .... ..
كانت تتوسلها التفهم......
لكنها هي من كانت هذه المرة قوية عنيفة ومتألمة.....
ابعدت عينيها عنه بعنف ثم توجهت الي جهة الباب قاصدة الخروج لكنه اوقفها بعنف ليصدم ظهرها بالباب......
كانت محاصرة بينه وبين الباب رفعت انظارها اليه بغضب ثم قالت بشراسة بينما تدفعه عنها......
:- ابعد عني.....
:- مش هتمشي الا لما نخلص كلامنا.....
:- مفيش بينا كلام يتقال ...... كل إلي كان بينا انتهي يا خالد.....
كلماتها كانت قاطعه هي انهت كل شيء ولا مجال للمناقشة.....
عندما ابعدته هذه المرة ابتعد......
لكن عيناه لم تبتعدا عنها ......
فتحت الباب  وخرجت بدون ان تلقي نظرة اخيرة علي اي شيء أو اي احد........
ذالك الألم القاتل الذي احتل قلبها يمنعها من التنفس .....
صعدت الي سيارة يارا التي كانت تنتظرها وهي جامدة تماما .....
لا تبكي....
رغم دموعها التي لوثت وجنتيها.....
لا يظهر عليها انفعال......
رغم تباطأ انفاسها بألم......
تسائلت يارا بقلق وهي تلاحظ هيئتها غير المريحة بالمرة...........
- ايه الي حصل يا بلسم....
:- مفيش حاجة.....
ردها الهادء فجر قلقا رهيبا داخل يارا وهي تفكر..... بلسم ليست بخير...   
هي تعلم ذالك.....
انها بلسم في النهاية......
*******************    
اغلقت الباب خلفها ما ان خرجت من المنزل....
نظرت الي الشمس التي تميل الي الغروب ثم تنهدت بقلة حيلة وعادت تتجه الي الحديقة كما اخبرها ذالك المجنون.......
لقد كانت معه طوال الوقت بحق الله لما يريدها الأن. ....
رأته من بعيد يقف مستندا علي احدي الأشجار الموزعة بتناسق في حديقة منزل العم حارس والذي تجمعت فيه العائلة بأكملها من اجل حفل الحناء الخاص بدنيا في الغد......
اقتربت منه وهي غير مدركة لتلك الذبذبات الغاضبة الصادرة منه......
نادته بخفة.....
:- آدم......
التفت اليها بعبوس وهو يرفع حاجبه الأيمن في علامة مميزة لغضبه.......
لم يمهلها حتي تسأل بل قبض علي معصمها بغضب وهو يقول ببعض الحدة.......
:- ممكن اعرف انتي ازي تتعاملي مع فارس بالطريقة دي......
نظرت له بستغراب وهي تحاول ابعاد معصمها المسكين من قبضته....
:- انا عملت ايه يا ادم ........
قال بينما يتطاير الشرر من عينيه......
:- لا ابدا انتي معملتيش حاجة غير ان حضرتك قعدتي تهزري مع سي فارس مش كدا....
هتفت بعنف يناقض شخصيتها الرقيقة...
:- اولا ابعد ايدك عني يا ادم مش من حقك تعاملني كدا...... ثانيا انا كنت بهزر زي ما كان الكل بيهزر...... ثالثا مش من حقك تدخل.....
هل تتخيل ان عيناه الزيتونية اصبحت سوداء لامعة......
افلت رسغها المسكين اخيرا.....
لتستعد هي للإبتعاد عنه وعن الجنونه الذي لا تري له سببا......
لحظة......
لحظة واحدة حولت كل شيء.. ..
لم تعرف كيف ولا متي اصبح ظهرها مستندا علي الشجرة التي كان هو يستند عليها عن مجيئها.......
اصحت عيناه داخل عينيها تبثها غضبه الغريب عليها وعليه......
لا يعلم ماذا دهاه وهو يراها في الأمس تقبل شقيقها علي وجنته واليوم يمزح وتضحك مع فارس.......
علي الرغم من انها محقة....
لقد كانت الفتيات جميعا يضحكن ويمزحن لكن......
لكن جميع الفتيات ليسوا ياسمين.....
جميعهن لا يملكن وجها ناعما كوجهها.....
ولا عينان بزرقة عينيها الصافيتان.....
لا يمتلكون شموخ انفها......
ولا وجنتبها  الممتلئتان الورديتان ....
لا يمتلكون ذالك الثقب الساحر في وجنتها.......
لا يملكون بسمتها ولا ضحكتها.......
لا يمتلكون شعرها الذهبي الذي يتحرك مع ضحكتها محدثا موجة من العبق....
في النهاية هن لسن ياسمين....
همس بصوت اجش اكتسب خشونة مضاعفة بينما عيناه قد التمعت اكثر لكن هذه المرة كانت اقل قسوة واكثر امتلاكا .....
:- انتي بتقولي مليش حق....... لا انا الوحيد الي ليه حق.....
شمخت بأنفها في حركة كانت دوما تمتلكا عندما تخاف وهي الأن خائفة....
ليس من آدم لا......
بل من ذالك الجنون الذي التمع داخل مقلتيه.....
قالت بصوت اكسبته قوة لا تملكها....
:- لا ملكش حق وبطل جنان بقي وابعد عني.....
زمجر بغضب لكنه لم يرد عليها كلاما بل  محي المسافة بينهم في لحظة ليلتقط شفتيها الورديتين بين شفتيه.....
فتحت عينيها بصدمة غير قادرة علي معرفة اذما كانت في كابوس ام ان ادم يقبلها حقا وفي منزل خاله وبلا روابط بينهم وبجنون يجعله قادرا علي التمادي......
هنا وعند هذه النقطة دفعته بكل قوتها لتنطلق كفها الصغيرة كالصاعقة لتضرب فكه العريض المكسو ببعض الشعيرات الخفيفة  ......
هتفت به بغضب بينما قلبها يكاد يتفجر من كثرة دقاته......
:- انت اتجننت يا آدم...... اكيد اتجننت.. اياك مرة تانية تقرب مني.....
تركته ودخلت الي المنزل يحيطها الغضب من كل جهة .......
دخلت تلك الغرفة التي تتشاركها مع بلسم لحسن الحظ.......
فبلسم عادة لا تدخل غرفتها الا علي النوم.......
والأن الغرفة فارغة وهذا ايضا من حسن حظها .......
جلست علي الفراش تحدق في الفراغ لا تفهم ماهية المشاعر التي انتابتها.....
خوف......
غضب......
ضعف......
وألم.......
خافت منه.....
لا تعلم لماذا لكن هناك شيء فيه اخافها...
أثار رجفة قلبها......
غضب اجتاحها وهي تراه يتحكم بها بدون ان يملك الحق في ذالك......
ثم انها هي ايضا غاضبة منه حد قتله....
لقد كان يتهامس هو وبلسم طوال الوقت......
منذ ان جرجت دنيا من المشفي وقد اصبح ملازما لبلسم كظلها.....
يمازحها يشاكسها ويستعيدون ذكرياتهم معا.....
بلسم التي وقفت يوما امام الجميع تخبرهم انها تحبه......
قد لا تكون تحبه الأن لكن.....
لكن هذا لا ينفي النار التي تشتعل داخلها.....
ويأتي الأن وبكل تبجح ليخبرها ألا تحدث فارس......
وما دخله هو.......
ضعفها تجاهه زاد من غضبها......
ألمها لأنها صفعته اصابها في الصميم....
هو لا يستحق وهي ايضا ليست بمخطئة......
وقفت بغضب لتقطع الغرفة جيئة وذهابا وهي تسبه مرة بعد مرة لعل نيران  قلبها تنطفئ لكنها تزداد اشتعالا......
********************** 

اسكنتك قلبي..... ((((( مكتملة))))Where stories live. Discover now