-28- قمر حقل البنفسج

4.5K 371 536
                                    


دمعة لم تستطع شارلوت مسحها تدحرجت من على خدها لتسقط على البلاط الرخامي مصدرة صوتا مكتوماً لم يتمكن من كسر حاجز الصمت الثقيل.
"هيرو!"
تحركت شفاهها بهمس مدهوش.

سبابته ارتفعت للأعلى وعيناه اللتان نظرتا بضيق لأليجاه لم تتحركا إنشاً عنه حين قال ببرود محذراً:
"أنا لن أكرر كلماتي."

أليجاه نظر له بطرف عينه بالمقابل قبل أن يرفع يديه عن كتفي شارلوت ويتراجع خطوتين للخلف كمجرم مع قوله الساخر:
"لقد تم ضبطي."

عيونهم شاهدت بترقب أصابعه ترتفع أمامه قبل أن يفرقع بإثنين منهم فيظهر ثلاثة مصاصي دماء موشحين بالأسود من العدم. ما سمح لهما برؤيتهم كانت أعينهم الحمراء التي التمعت كاللهب من أسفل قبعات رداء كلٍ منهم.
راكعين خلفه سألوا بصوت واحد:
"ما أمر جلالتك؟"

"احرصوا على أن يصل ضيفنا جناحه بأمان فالقمر قد انتصف بالفعل."
ما أن قال كلماته حتى أحاط اثنين بأليجاه من الجهتين وثالثهم وقف حائلاً بينه وبين شارلوت مشيراً بيده بصمت للجهة الأخرى من الممر كي يقوده.

"ما الذي تفعله الآن؟"
تكلمت شارلوت بإنزعاج ملقية نظرة سريعة على أليجاه الذي وقف محدقاً بالثلاثة بعيون ضيقة وحذرة فتردف بنبرة أعلى مستنكرة ناحية هيروزيوس:
"أليس من المفترض أن تكون في حفلتك؟!"

"الحفلة انتهت."
أجاب هيروزيوس وهو يدفع بردائه المخملي خلفه قبل أن يبدأ السير ناحية تلك التي تراجعت خطوة بتلقائية مردفة بتعجب:
"ظننت بأن الحفلة تستمر حتى الفجر، إنه مازال منتصف الليل فحسب."

"أنا أقرر متى تنتهي."
ومع أخر كلمة تلفظ بها كان قد أصبح أمامها جاعلاً إياها ترفع رأسها لتستطيع رؤية ملامحه بوضوح، حدقت به لثوان بحاجبين معقودين معبرة عن إنزعاجها بملامح وجهها المتهكمة لكن لم تكن نظراتها مخيفة أكثر من النظرة التي رمقها بها إذ أنه أخبرها بالإبتعاد عن أليجاه لكن انتهى بها المطاف ملتصقة به أكثر مما ظنت بأنها ستفعل نفسها.

أشاحت بوجهها أخيراً زافرة بقوة قبل أن تقول بهزيمة من بين أسنانها مشيرة لأتباعه بعينيها:
"فاليكن، لكن دعهم يتركوه وشأنه."

عيونها اتسعت بدهشة عندما شعرت بجسدها يحلق بالهواء وبدنها اقشعر حين لفح نفس دافئ عنقها متبوعاً بصوت هيروزيوس يقول:
"هم سيرافقونه ليس إلا، لن يؤذيه أحد."

نظرت من فوق كتفه ناحية أليجاه الذي وقف هناك محدقاً بها تبتعد مع هيروزيوس لتبتلع بصعوبة وتهتف:
"هذا لم ينتهي! سنتحدث لاحقاً، لدي الكثير لأقوله لك أيضاً، أليجاه."
بدت الدهشة جلية على وجه الأخير لأنها لم تناديه باسمه فحسب بل وقالته على استحياء.
"ألديكِ جواب لي الآن؟"
سأل بضحكة سمجة وحاجب مرفوع لتبتسم هي مخفية ذلك بكتف هيروزيوس قبل أن تجيب:
"لا تغتر بنفسك كثيراً، أحتاج للتفكير."

نيوتروبياحيث تعيش القصص. اكتشف الآن