-34- أحضان الشمس الدافئة

4.3K 402 576
                                    

"أرجوك يا جلالتك، سموه لا يحتاج سوى لبعض الكلمات."
تجولت شارلوت في القصر كظل لا تراه العيون. حاولت التحدث مراراً مع الأشخاص من حولها لكنهم كانوا يعبرون خلالها وحسب لينتهي بها الظن أنها مجرد شبح في هذا الحلم الغريب.

"إنه الأمير...المتوج...المدلل..."
صوت رخيم جعل قلبها ببطء نطقه كلماته يهتز بين أضلعها فجذب انتباهها لتلاحق مصدره.
"ما الذي قد يرغب به؟"

أحلامها التي اختلطت بكوابيسها جعلت ذكرياتها تتبعثر بين الواقع والخيال والآن...بالكاد تذكر اسمها.

قامت بالإطلال والفضول في عينيها على غرفة مكتب ضخمة. لم تمتلك ما تخسره ودلفت للداخل.
"مع كل احترامي....جلالتك لا تقوم حتى بمجالسته لتعليمه أولويات صاحب العرش فما المعنى الذي قد يحمله الاسم مع الألقاب دون استحقاق؟"
التفت حول الشخص الأول الذي وجدته في طريقها. شعر أشقر وعيون زمردية، شيء أخبرها أن هذا الشخص مألوف ككل كائن مرت عليه.

"هيروزيوس سيكون بخير. لدي طفل مريض لأقلق بشأنه."
بصرها إنزلق نحو من كان خلف المكتب الواسع بين الأوراق المتكدسة. المحادثة الغير مفهومة لم تثر اهتمامها لكن صاحب تلك الخصلات الفاحمة والعيون الأرجوانية فعل فحين شعرت بحدقتيه تحفران في روحها ما أن رفع رأسه وبدا وكأنه ينظر لها حتى ارتعشت شفاهها بابتسامة بلهاء.

"والدي؟"
همست دون إرادة منها فضربت صاعقة برأسها وأرسلتها أرضاً على ركبتيها. الأرضية تبدلت من أسفلها والزمكان تمددا حولها وكأنها تسير بسرعة لا تدركها الأبصار.

انصفق باب الغرفة مفتوحاً فذعرت وشاهدت وصيفة عتية تدلف وهي تحمل طفلاً باكياً بين ذراعيها. كادت أن تدهسها فابتعدت عن طريقها سريعاً متعثرة للخلف.

"لوكس!"
هتفت أنثى شقراء جميلة كانت تجلس بقرب النافذة لمقعد فاخر. خصلاتها ماثلت أنوار الشمس ووجهها كان فاتن وبديع ذو ملامح حنون جعلت شارلوت تشعر بالدموع تنزلق على وجنتيها.

"كان يصرخ دون توقف فأحضرته عندما لم يتوقف عن البكاء، اعتذر لم أستطع المساعدة يا جلالتك."
انحنت الوصيفة.

"أمتأكدة بأنه لم يتم إزعاجه؟"
سألت الأم بقلق وهي تهدهد لطفلها ليهدأ والوصيفة أجابت بثقة:
"أجل."
دخلت وصيفة أخرى على عجل وهمست بصوت مسموع بقرب أذن ملكتها:
"فخامتك، سموه الأول ينتظر حضورك."

"اعتذري عني له هلا فعلت؟ لا أستطيع ترك لوكس."
هزت الملكة برأسها بخفة أما شارلوت تكلمت مناجية:
"والدتي."
هزت برأسها للألم مجدداً.
"هذا غير صحيح."
أعلنت. هي تألف...لكنها لا تعرف هؤلاء الأشخاص. مجرد إدراكها للأمر يجعلها تتوجع وكأنه من الممنوع عليها التفكير، أو بالأحرى التذكر.

"أمرك."
انحنت الوصيفة ثم خرجت لتتبعها شارلوت بخطواتها المترنحة بعناد حول ممرات القصر.

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now