-37- واجبات الحرس

4.8K 391 684
                                    


اتخذ الشاب عدة التفافات حتى وصل الضواحي التي ترامت على أطراف المدينة، لم تكن تلك القطع الأخيرة من يوتوبيا فقيرة ولكن متواضعة، لديها أنوار خافتة وأجواء خاصة مقاربة للمدينة ذاتها لكن أقل بهرجة وحسب.

أضواء خافتة ملونة ومحال شعبية افترشت بضاعتها الطرقات وأخيراً الكثير من الناس والأطفال خول الباعة الذين أخذوا يصرخون لترويج ما يبيعونه للغرباء والسياح الباحثين عن التغيير والمرح.

وصل لمبنى عال عتيق كان قد تمركز بقرب بحيرة، بدا كمنزل عطلة جميل قبلاً منذ سنين لكنه اليوم لا يستوي ولو قليلاً مع المباني العامرة خاصة مع البحيرة التي اضمحلت لما يشبه المستنقع متسببة برائحة كريهة جعلته يحك أنفه بلا هوان.

استنشق أنفاسه ثم مال برأسه صوب الحارسين الضخمين عند باب 'المتحف' كما أشارت اللافتة المبهرجة. كان كلاهما بشريين، الأمر شجعه على الاقتراب بلا تردد نحو الاستقبال.
"يا له من مساء يا سادة."
تحدث، شفاهه تنبسط بابتسامة أرغم على رسمها.
"يبدو أن حدثاً مهماً يجري اليوم."
علق على صوت الموسيقى الكلاسيكية التي صدحت من الشرف العالية.

"بالفعل."
تحدث أحد الحارسين رداً بعد أن تأمل زي ضيفه الأسود من الأعلى وحتى الأسفل.
"إذ يقام هنا مزاد علني لبيع عينات قديمة تم جمعها من مختلف بقاع الأرض."
أردف متشجعاً وهو يفرك كفيه ببعضهما البعض لمظهر الشاب. فما ارتداه من جلود وأحذية فاخرة جعلته يبدو كزبون مهم. خاصة تلك النظارة التي بدت وكأنها تخفي هويته تتدلى أمام عينيه الناعستين.

"لما لا تقيمون معرضكم داخل المدينة؟"
سأل وهو ينقل وزنه لساق أخرى تاركاً سلاسل القضيب الحديدي في جرابه لتتلاطم مصدرة أزيزاً ذو صدى لم يعبأ أيهما به، هذا دلل أن حتى ضيوفهم يحملون الأسلحة بالفعل.

"إيجار مبنى سيكون باهظاً حتى لجامعي التحف في قلب المدينة، المكان هنا جميل ولا بأس به، كما أن هذا المعرض سيستمر لثلاث أيام سيعود بعدها السادة لأعمالهم مترامية الأطراف."
تحدث الآخر، كان حجمه أصغر وأشيب. عينان حادتان وصوت رخيم حمل الشك. كل هذا جعل الشاب يبتسم أكثر فحسب.

"هذا مفهوم تماماً، فلكي تجد العينات النادرة يجب أن تسافر وتستكشف ثم تلاحق...."
حرك قبضته التي تغطت بجلد أسود أمام وجوههم ليبدو وكأنه يعتصر شيئاً ما بقوة بين أنامله.
"لتصطاد."
أنهى كلماته وأنيابه برزت لتجعل الحارسين ينظران لبعضهما بتشكك.

"لقد ثرثرت كثيراً."
تحدث ذو الصوت الرخيم بخفوت موبخاً رفيقه ليحمحم ذاك ويحدث من أمامه بتبجيل متجاهلاً كلمات التعنيف التي سمعها:
"سيدي إنه مكان تستطيع دخوله بدعوة خاصة، أتمتلك شيئاً كهذا؟"

"بالطبع."
تحدث وكاد أن يقهقه فأخيراً وبعد ثرثرة طويلة قرر أحدهم التأكد من هويته فأخرج بطاقة فضية اللون من جيبه وسلمها.

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now