-22- بئر من الأوهام

4.3K 353 581
                                    

وضعت شارلوت كفها أسفل ذقنها وأسندت بمرفقها لفخذها تناظر النافذة الفسيفسائية الزجاجية بملل من مكانها حيث كانت جالسة أرضاً على البساط الأحمر الفرويّ.

عقرب الدقائق في الساعة الضخمة تحرك مجدداً وهي عدت الدقيقة العاشرة قبل أن تطلق زفيراً قصيراً. لقد أتى بها لغرفة العرش التي تراها للمرة الثانية فارغة تاركين إيدغار أرضاً دون أي كلمات إضافية. بالطبع لا تحتاج المزيد. كان جاداً ويبدو غاضباً فما كان عليها سوى الطاعة. على كل شخص يجب أن يعلم متى يتراجع، وأيضاً لم يكن لها خيار فقد حملها وكأنها قطعة من الورق المقوى.

ليست قلقة بخصوص إيدغار، بما أن هيروزيوس لم يقتله فلن يستطيع قتله أحد. هذا ما تعتقده على الأقل فلا يبدو وكأن مصاص الدماء ذاك سيرفض إن طلب أحدهم قطع رأسه الآن.

وعلى ذكر هيروزيوس...ها هو ذا يعبر من أمامها مجدداً ليغطي نور النهار المتسلل من النافذ عنها قبل أن يبتعد هارعاً القاعة ذهاباً وإياباً.

لا تعلم إن كان ينتظر أن تبرر نفسها وأفعالها، أن تقوم بالحركة الأولى، لكنها متأكدة من أنه إن لم يقل هو شيئاً بعد أقل من دقيقة فستخلد للنوم على هذا البساط الناعم بسرور فقد نال جسدها ما يكفيه من التحامل اليوم بسبب المرض.

ظله غطى النور مرة جديدة حيث وقف أمامها لثوان يرمقها بنظرة غير راضية قابلتها هي بأخرى فارغة قبل أن تراه ينخفض حتى تستطيع رؤية وجهه بشكل أفضل.
"أتعلمين ما الذي فعلتِه؟"
تحركت شفتاه بسؤال واحد ليست متأكدة إن كانت قد انتظرته.

"نفذت أخر ما رغبت به سيلست، هل هذا سيء؟"
أجابت بهدوء تاركة إياه يحدق بها بشيء من الاستنكار حين رفع أحد حاجبيه لثوان بصمت. نهض فجأة وتحرك ناحية العرش الذي تربع أعلى الدرجات المخملية قائلاً:
"أنا لم ولن ولا أكترث لما تفعلينه في الأنحاء بحق، لكن أن تتدخلي بطريقة تسيري للأمور هنا أمر مختلف تماماً."

شاهدته يرتقي أولى الدرجات قبل أن يستدير نحوها وهو يردف ببرود:
"كونه ابن الأميرة لن يشفع له كونه ابن الخائن، واتباعه -حتى بغير إرادته- لوالده يعني خيانته لنا والخونة مصيرهم الموت."

تنهدت شارلوت قبل أن تسحب جسدها ببطء لتنهض من على الأرض قائلة بغير فهم:
"لكن...أنت الآن الملـك. تستطيع ببساطة إقرار عدم قتله. يمكنك تبديل عقوبته للسجن على سبيل المثال..."
صوتها إنخفض وحسها تلاشى حين شعرت بحرارة نظراته المؤنبة فسكتت عندما أحست برعونة تصرفها أخيراً.

"لكل ملك حاشية ومن دونهم هو لاشيء."
شرح لها مبرراً:
"هم من يمكنهم رفعه أو خلعه، سمعة عائلتنا كملوك لقرون على المحك والتصرف بطيش في هذه النقطة خطير."

"أتظنين بأن شعبي سيكون راضياً عندما يعلمون أنه حيّ؟"
هو أردف قبل أن يجلس على عرشه واضعاً قبضته أسفل فكه كأنه ينتظر إجابتها.

نيـوتروبيـاWhere stories live. Discover now