-21- لأجلكِ أيتها الفاوانيا

4.1K 327 468
                                    

الشمس انخفضت والقمر ارتفع ليبدأ بالتمايل من جهة لأخرى ثم يختفي سريعاً مجدداً مع نجومه فيعلن الشفق بداية يوم جديد. هذه المرة الشمس تغطت بسحب رمادية ذات بأس جعلت لون السماء داكناً كئيباً وكأن الزمن توقف ما بين الأمس واليوم.

"حالتكِ تنحدر للأسوأ بسرعة."
أعلنت لاتشيا لشارلوت التي لم تجبها ولا حتى بنظرة. هي لم ترغب قط بالموت يوماً أسرع من الليالي الماضية. كانت تدعو أن تغلق عينيها وترحل بهدوء. أخبار لاتشيا لم تحدث أي جديد في حالتها النفسية.

الساعة دقت مشيرة للثالثة عصراً وموجة رياح غاضبة عصفت بستار الشرفة الحريري بقوة لتتحرك الطبيبة لإغلاق الباب الزجاجي بخطوات ثقيلة صامتة.

ما أن همت بإلتقاط المقبض لتسحب الباب حتى قالت بنبرة جادة وخافتة تلتمس لمرة أخيرة أي رد فعل من شارلوت:
"رياح كهذه ستؤذيكِ فقط."
خرجت بلا أي كلمات إضافية بنظرات فارغة من المشاعر وشارلوت حركت بصرها من أعلى غطائها الذي دثرها حتى الرأس بتبلد ناحية الباب الزجاجي الذي أبى إلا والإرتداد مفتوحاً على مصراعيه للداخل.

شاهدت الستار يتأرجح واستمعت للرياح تصفر لثوان طالت حتى نهضت من مكانها على السرير أخيراً، ارتدت خفيها ومن دون أي معطف خرجت من غرفتها لتهبط سلالم القصر الفارغ نحو الحديقة الكبيرة وحدها.

عبرت الدرب الحجري نحو متاهة ارتفعت بأشجار خضراء عالية وسارت بين زهور البوينسيتيا بخطوات بطيئة حتى وصلت نصباً تذكارياً تم صنعه من البلاتين وزين بألماسة صفراء نقش أسفلها اسم سيلست كأميرة لهذه المملكة.

أسفل الاسم تم حفر صورة لزهرة الفاوانيا ببراعة استنتجت أنه وسام قد رمز للقبها الفخري الذي كانت تحمله.

مسحت بأنامل مرتعشة على النقش وضحكة ساخرة متهكمة تركت شفاهها.

شعرت بالسذاجة لتعلقها بمصاصة دماء وبالغضب من كل ما حولها. خبأت اهتمامها بحنان سيلست ومازالت تتسائل إن كانت الأمور ستختلف إن أفصحت.

كان على هيروزيوس أن يخبرها بأن تطعنها في قلبها في تلك الزنزانة وحسب وهي لم تكن لتتردد بفعل ذلك لمصاصة دماء غريبة لكنه حررها وتركها تتمتع بمنصبها لبضعة أيام أمام كل العيون وحاسب من يستحق بحق الحساب.

أهذا عنى أنه شعر بالرثاء على شقيقة والدته؟
تنهدت.
النتيجة كانت واحدة في النهاية.
ما الذي تعرفه هي عما يدور في خلده ويهمها الآن؟
لا شيء.

نسمة باردة داعبت وجنتيها فكرمشت عينيها ودست يديها في جيبي ردائها. حركاتها المتململة ترافقت مع تحريك رأسها ناحية المدرج الذي صدر منه أصوات أبواق عالية. لم تكن كأبواق الاحتفالات المتوقعة بل صوت كئيب، حزين، ترتعش له الأبدان، ينبئ بكلمة من ثلاثة حروف. كم رددها لسانها ولكن الآن أصبحت ثقيلة للغاية عليه.

نيـوتروبيـاTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang