نيـوتروبيـا

-49- زهرة النوكس المشؤومة

شارلوت تنهدت بشدة وهي تسلم جهاز التحكم بالقبب لفارس الظل الذي أمره هيروزيوس بمراقبة ابنهما.
"عندما تنتهي الفتاة من البكاء ستعود للنوم، عندها فقط قم بفتح منافذ الصوت علها تقرر إخبارنا شيئاً عندما تستيقظ."

"أمر جلالتكِ."
نبس الفارس وهو ينحني للأسفل احتراماً لها فهمهت وحسب وتركته لشأنه.

لا تستطيع أن تكون لطيفة أو ألا تتخذ قراراً بشأن ما حدث وتجاهل أن كناريا كانت سبباً فيه، ربما حكمها بالسجن المؤبد جائر لكن هيروزيوس أكد لها بأنه إن وصل خبر ما حدث للمحكمة العليا فالقضاة سيأمرون بقتلها لكونها هجين وتسري عليها قوانين المملكة كأي مصاص دماء آخر.

"انتهت حقبة التردد منذ زمن."
مسحت وجهها.

...

"أريد أن نبدأ بالاستعداد للمراسم."
كلمات هيروزيوس المفاجئة جعلتها ترفع رأسها من بين أوراق مفكرتها وتنظر له بتوجس.
"أية مراسم؟"
سألت.

"زواجنا، تتويجكِ الرسمي."
وضع القلم الذهبي الذي كان يسير به على بضعة أوراق أمامه جانباً ورفع عيون البنفسج الزجاجية خاصته نحوها حين نطق إجابته وكأنه يحاصرها.

"اوه."
صوت متفاجئ خرج من فاهها فتنحنحت من موقعها على عتبة النافذة الواسعة ورطبت شفاهها.
"أنا لست حقاً مهتمة بإقامة حفلة زفاف فضلاً عن التتويج."
أغلقت المفكرة بين أناملها وأخفضت بصرها حين شعرت بذلك الخوف يتصاعد في صدرها.

"يتوجب بكِ أن تواجهي الشعب يوماً يا غاليتي، فأنتِ من يقودهم ويدير شؤونهم منذ فترة بالفعل. في غيابي وحتى الآن."
ثنت شفاهها وقطبت حاجبيها في حين استطرد هيروزيوس بعد لحظات من الهدوء:
"دعي سكان العاصمة ليتعرفوا على ملكتهم بشكل رسمي وصحيح."

رفعت بصرها نحوه أخيراً وكأنها تترجاه أن يتجاهل الموضوع كما اعتاد لسنوات بالفعل لكن حين ابتسم بلطف أسفل نور المصباح الذهبي بقرب مكتبه علمت أنه لن يسقط الأمر هذه الأمسية.

كانت قد حبست نفسها في القصر منذ استيقاظها ووصلت الآن جدار ما هي قادرة على تعلمه أو فعله منذ فترة، علاقتها بالجميع تصبح فاترة تدريجياً وسمعتها تغدو أسوأ بين سكان العاصمة فضلاً عن الشائعات المرتابة بين سكان المملكة بأكملها.

منذ أن عاد هيروزيوس من رحلته واطّلع على نتائج تدريبها حتى وثق بها لتحل بعض المشاكل التي يتعامل معها كل يوم، وفترة بعد فترة إزدادت أهمية ما تتولاه من شؤون داخلية. هي -كما قال بحرفية العبارات- تساعده في الحكم، كما يتوجب بأي ملكة.

'الملك يتخذ ملكة غير شرعية، عشيقة لنزوة، شخص لا يستحق المكانة ويعاني من خلل ما لذلك لم تتم مراسم الزواج أو التتويج' هذا ما كان يدور بين الأوساط الاجتماعية المختلفة وهذا جعل ثقتها بنفسها تهبط.